أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ١٢٨
فأين أولوا النظر يمعنون في هذا العهد ليعلموا أنه - على اختصاره - لا يقل وزنا عن نصوص يوم الغدير فان الأداء عن رسول الله صلى الله عليه وآله المختص به وبعلي المنفى في هذا الحديث عمن سواهما انما هو الأداء التشريعي الكاشف عن حكم الله في الواقع ونفس الامر المعصوم عن الخطأ عصمة القرآن عنه فيكون بمجرده حجة قاطعة يجب على الأمة التعبد به كما يجب عليهم التعبد بأحكام القرآن العظيم والذكر الحكيم.
يدلك على أن هذا هو المراد اجماع الأمة على إباحة الأداء عن النبي صلى الله عليه وآله - على غير هذا الوجه - لكل عالم بقوله سماعا منه أو استنباطا صحيحا من سنته فان الصحابة كانوا يؤدون عنه ما سمعوه من أقواله وما رأوه من أفعاله وكان المجتهدون بعدهم يؤدون عنه ما استنبطوا من الأدلة الشرعية فلو لم يحمل الحديث على ما قلناه لم يبق له معنى يصح حمله عليه.
ويؤيد هذا قول رسول الله صلى الله عليه وآله: على مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان (1) وقوله صلى الله عليه وآله: رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار (2) إلى كثير من أمثال هذه النصوص التي ترمي إلى عصمته، (ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين).
(المبحث الرابع): فيما كان من أعداء علي من المكر به، والبغي عليه وما كان من دجاجيلهم في صرف خصائصه عنه، وما تزلف به أبو هريرة إليهم من تحريف هذا الحديث.
إن أعداء علي من المنافقين، وحسدة فضله ومنافسيه من الناكثين والقاسطين، والمارقين، ولا سيما أهل الحول والطول منهم كمعاوية وأعوانه

(1) أخرجه الحاكم وصححه على شرط الشيخين في ص 124 من الجزء الثالث من مستدركه وأورده الذهبي في تلخيصه معترفا بصحته.
(2) أخرجه الحاكم في الصفحة نفسها على شرط مسلم.
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»