أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ١١٨
ومما نحتج به على بطلانه ان أبا هريرة (قبل ان يتصل بأسباب بني أمية) كان يقول (1): كنت في البعث الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وآله مع علي ببراءة فقال له ولده المحرر: فيم كنتم تنادون؟ قال: كنا نقول: لا يدخل الجنة إلا مؤمن، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله عهد فأجله إلى أربعة أشهر (2) فناديت حتى صحل صوتي اه‍ هذا حديثه الثابت منه من طريق الثقات الاثبات لم يذكر فيه أبا بكر بالمرة، وإنما نص فيه على أن البعث الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وآله تلك السنة إلى مكة - وهم الحجاج - إنما بعثهم مع علي - وفي ركابه - وهذه هي الامرة التي أسندها أبو هريرة في ذلك الحديث إلى أبي بكر.
وإذا كان مبعوثا مع علي بأمر النبي صلى الله عليه وآله كما يزعم في هذا الحديث، فما معنى قوله في ذلك الحديث، بعثني أبو بكر الصديق في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر؟! وما الوجه في قوله: ثم أردف النبي بعلي فأذن معنا؟ وهل هذا إلا تهافت (3)؟! يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا ان يتم نوره.

(1) فيما أخرجه الحاكم وصححه في تفسير سورة براءة من مستدركه ص 131 من جزئه الثاني، وأورده الذهبي في التلخيص مصرحا بصحته أيضا، وأخرجه الإمام أحمد من حديث أبي هريرة ص 299 من الجزء الثاني من مسنده ولفظه عنده: كنت مع علي حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أهل مكة ببراءة.
(2) أنكر العلماء قوله فأجله إلى أربعة أشهر لان الذي كان في خطبة أمير المؤمنين يومئذ ومن كان له عهد من المشركين فأجله إلى أمده بالغا ما بلغ ومن ليس له أمد فأجله إلى أربعة أشهر والظاهر أن أبا هريرة لم يكن ممن حضر الموسم ليعي الاذان بكهنه وحقيقة ولا عجب فإنه كثيرا ما يدعي الحضور في وقائع لم يحضرها فينقلها على غير وجهها كما ستسمعه في الفصل 13 من الأصل.
(3) التهافت بين الحديثين واضح من حيث تعيين الأمير ومن حيث تعيين الباعث لأبي هريرة وغيره من المؤذنين ومن حيث مكان بعثهم هل كان من المدينة أم من مكة؟ ومن حيث زمان البعث هل كان يوم النحر أو قبله؟ كما لا يخفى على من تدبر الحديثين.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»