وفي عام 716 ه توفي السلطان محمد خدابنده فرجع العلامة الحلي إلى مدينة الحلة، واشتغل فيها بالتدريس والتأليف وتربية العلماء وتقوية المذهب وارشاد الناس. حتى شدت إليه الرحال من كل جانب. ولم يخرج العلامة من الحلة منذ رجوعه إليها حتى وفاته إلا إلى الحج الذي كان في أواخر عمره الشريف، وبقي على هذه الوتيرة إلى أن وافاه الاجل في المحرم الحرام سنة 726 ه.
(6) عصره ومعاصروه:
عاصر العلامة الحلي رضوان الله تعالى عليه منذ نشأته وحتى وفاته عام 726 ه أحداثا مرة مرت بها الأمة الاسلامية عموما والطائفة الحقة خصوصا، كان أولها غزو التتر العراق واحتلال بغداد وتدميرها وحرق مكتباتها، والقضاء على الحضارة الاسلامية التي كانت فيها. وأراد التتر احتلال الحلة والكوفة والمشهدين الشريفين، إلا أن تدبير والده - والد العلامة - أدى إلى المحافظة على هذه المدن وما فيها، وبالتالي أدى إلى اسلام سلاطين التتر ومن تم تشيعهم، ويحكي لنا العلامة معاملة والده مع التتر حيث يقول:
لما وصل السلطان هولاكو إلى بغداد قبل أن يفتحها هرب أكثر أهل الحلة إلى البطائح إلا القليل. فكان من جملة القليل والدي رحمه الله والسيد مجد الدين ابن طاووس والفقيه ابن أبي العز، فأجمع رأيهم على مكاتبة السلطان بأنهم مطيعون داخلون تحت إيالته، وأنفذوا به شخصا أعجميا، فأنفذ السلطان إليهم فرمانا مع شخصين أحدهما يقال له فلكة والاخر يقال له علاء الدين وقال لهما:
قولا لهم: إن كانت قلوبكم كما وردت به كتبكم تحضرون إلينا. فخافوا لعدم معرفتهم بما ينتهي إليه الحال، فقال والدي رحمه الله: إن جئت وحدي كفى؟
فقالا: نعم، فصعد معهما.