الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ١٠٤٧
عن الشدة والاسكار مذ خلقها الله تعالى، فبطل قولهم بتجاذب الأوصاف، والحمد لله كثيرا.
وأما قولهم في تغليب الصورة الآدمية في العبيد على شبهة البهائم، إنه سلعة مملوكة، فقول بارد وهلا، إذ فعلوا ذلك، قبلوا شهادته إذ غلبوا شبهة الأحرار على شبهة البهائم؟ وهل هذا كله إلا لهو ولعب، وشبيه بالخرافات؟ نعوذ بالله من الخذلان، ومن تعدي حدوده، ومن القول في الدين بغير نص من الله تعالى أو رسوله، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وإذا أبطلوا حكم الشبه من أجل شبه آخر أقوى منه، فقد صاروا إلى قولنا في إبطال حكم التشابه في إيجاب حكم له في الدين لم يأت به نص، ثم تناقضوا في إثباته مرة وإبطاله أخرى بلا برهان.
وشنع بعضهم بأن قال: إن إبطال القياس مذهب النظام، ومحمد بن عبد الله الإسكافي، وجعفر بن حرب، وجعفر بن مبشر، وعيسى المراد، وأبي عفار، وبعض الخوارج، وإن من هؤلاء من يقول: إن بنات البنين حلال، وكذلك الجدات، وكذلك دماغ الخنزير.
قال أبو محمد: ولسنا ننكر أن تقول اليهود لا إله إلا الله، ونقولها أيضا نحن، ولكن إذا ذكروا هؤلاء فلا تنسوا القائلين بقولهم القياس، أبا الهذيل العلاف، وأبا بكر بن كيسان الأصم، وجهم بن صفوان، وبشر بن المعتمر، ومعمرا وبشرا المريسي، والأزارقة، وأحمد بن حائط، ومن هؤلاء من يقول بقياس الأطفال على الكبار، وأنهم نسخت أرواحهم في الأطفال، وبالقياس على قوم نوح، فأباحوا قتل الأطفال، وقاسوا فناء الجنة والنار على فناء الدنيا، وغير ذلك من شنيع الأقوال. فهذا كل ما موهوا به في نص القياس قد تقصيناه والحمد لله، ولم ندع منه بقية، وبينا - بعون الله - أنه لا حجة لهم بوجه من الوجوه، ولا متعلق في شئ منه البتة، وأنه كله عائد عليهم، ومبطل لقولهم في إثبات القياس، وقد كان هذا يكفي من تكلف إبطال القياس، لان كل قول لا يقوم بصحته برهان فهو دعوى ساقطة ولكنا لا نقطع بذلك حتى نورد - بحول الله - البراهين القاطعة على إبطال القياس والقول به.
(تم الجزء السابع ويليه الجزء الثامن إن شاء الله)
(١٠٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1037 1038 1039 1040 1041 1042 1043 1044 1045 1046 1047
الفهرست