عناية الأصول في شرح كفاية الأصول - السيد مرتضى الحسيني اليزدي الفيروز آبادي - ج ٣ - الصفحة ١٧٨
طرفي المسألة فقوله يا سيدي انهما معا مشهوران مأثوران أوضح شاهد على ان المراد بالشهرة الشهرة في الرواية الحاصلة بكون الرواية مما اتفق الكل على روايته أو تدوينه وهذا مما يمكن اتصاف الروايتين المتعارضتين به انتهى.
(أقول) وهذا الجواب مما لا يخلو عن مسامحة فان الخبرين كما صح أن يكونا معا مشهورين فكذلك الفتويان صح ان تكونا معا مشهورتين فإذا فرضنا أن أرباب الفتوى ألفان شخصا فأفتى ألف منهم بوجوب شيء وألف منهم باستحبابه فالفتويان كلتاهما مشهورتان وليس شيء منهما فتوى شاذا نادرا كما لا يخفى (ويدل عليه) قولهم كثيرا ما الأشهر كذا وكذا فان الأشهر ليس إلا في قبال المشهور نعم قد يقع المشهور في قبال الشاذ كما في قولهم الأشهر بل المشهور كذا وكذا فالإضراب عن الأشهر إلى المشهور ليس الا لتفهيم المخاطب ان المقابل شاذ ليس بمشهور (وعلى كل حال) كان الأولى ان يستشهد أعلى الله مقامه بقوله مأثوران بعد قوله مشهوران فإنه أقوى شاهد على ان المراد بالشهرة الشهرة في الرواية دون الفتوى فان الذي صح ان يكون مأثورا عنهم هو الخبر لا الفتوى (ثم ان الشيخ) أعلى الله مقامه قد ذكر تقريبا آخر للتمسك بالمشهورة غير التمسك بإطلاق الموصول وهو ان مناط حكمه عليه السلام بالأخذ بالمشهور هو الاشتهار وهو موجود في كل من الخبر المشهور والفتوى المشهور جميعا (قال في ذيل تقريب الاستدلال) بالمرفوعة ما هذا لفظه أو ان إناطة الحكم بالاشتهار يدل على اعتبار الشهرة في نفسه وإن لم يكن في الرواية (انتهى) ولكن لم يتعرض الجواب عن هذا التقريب ولعله اتكالا على ان جوابه يعرف مما تقدم إذ لم يحرز على وجه القطع واليقين ان المناط في قوله عليه السلام خذ بما اشتهر بين أصحابك هو مطلق الاشتهار ولو لم يكن في الرواية كي يسمى ذلك بتنقيح المناط ويؤخذ به غايته انه قد أحرز ذلك بالظن ولا عبرة به مع ان لمنع حصول الظن من أصله مجال واسع أيضا.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»