حرمة أخذ الأجرة عليه أما توصلي أو تعبدي (أما التوصلي) فليس مطلقا مما يحرم أخذ الأجرة عليه فان الصناعات الواجبة كفائيا كالخياطة والحياكة والنجارة وما أشبه ذلك مما يتوقف عليه نظام العالم لا يحرم أخذ الأجرة عليها بلا كلام (والسر فيه) ان الواجب فيها ليس نفس العمل وحده كي يحرم أخذ الأجرة عليه بل الواجب فيها هو العمل مع الأجرة فالخياطة ليست كدفن الميت مما أوجبه الله تعالى على المكلفين مجانا وبلا عوض بل الخياطة مع الأجرة واجبة على العارفين بها كفائيا في قبال ترك الخياطة ولو مع الأجرة فان الذي يتوقف عليه النظام العام هو الخياطة كذلك لا الخياطة مجانا بل الخياطة مجانا ربما يخل بالنظام لاختلال عيش الخياط ونحوه من أرباب الصنائع رأسا (وعليه) فإذا كان الواجب هو العمل مع الأجرة فلا يحرم أخذ الأجرة على العمل. هذا كله في الواجب التوصلي (وأما التعبدي) فيمكن القول فيه بجواز أخذ الأجرة عليه بتصوير الداعي على الداعي كي لا ينافي القربة المعتبرة فيه فيأخذ الأجرة على العمل المأتي به بداعي الأمر لا على نفس العمل وحده.
(أقول) ان تصوير الداعي على الداعي بنحو الطولية مما لم يتضح لنا رشده بان كان العمل بداعي الأمر وكان الداعي للمجموع أي للعمل المأتي به بداعي الأمر أمر آخر فان ذلك يسير نطقه عسير تصديقه بل المتضح لنا خلاف ذلك تبعا للشيخ أعلى الله مقامه في المكاسب ولغير واحد من المحققين إذ لا شك في أنه لو لا الأجر الذي قد فرض كونه داعيا على الداعي لم يأت العامل بالعمل أصلا فكيف يكون العمل في هذه الصورة مأتيا به بداعي أمر الله تعالى فقط بل يكون الأجر جزء الداعي أو تمام الداعي (مضافا) إلى انه لو سلم صحة الداعي على الداعي فمجرد ذلك مما لا يكفى في جواز أخذ الأجرة على العبادات فان الملاك الجاري في منع أخذ الأجرة على الواجبات التوصلية