ان الواجبات النفسية وان كانت معنونة بعنوان حسن قطعا ولكن ليس حسنها في الأغلب في نفسها كالمعرفة بالله الكريم بل لأجل ما يترتب عليها من الخواص والفوائد وعليه فإذا أمر بها لحسنها فقد أمر بها لأجل خواصها وفوائدها وهي لازمة واجبة كما أن الواجب الغيري حيث أنه مما يتوصل به إلى واجب آخر يكون حسنا لهذه الجهة فإذا أمر به لأجل واجب آخر فقد أمر به لحسنه قطعا فإذا لا يبقى فرق بين النفسي والغيري أصلا ولعله إليه أشار أخيرا بقوله فتأمل (وعلى كل حال) إن شيئا من التصحيحين لم يتم لا التصحيح المقتبس من كلام التقريرات كما أشير آنفا ولا التصحيح الذي كان من المصنف بنفسه ولكن التعريفين مع ذلك مما لا نقص فيه فان الإيراد الذي أورده المصنف عليهما بقوله المتقدم هذا ولكنه لا يخفى... إلخ مما لا يرد عليهما فان المراد من الواجب في تعريف التقريرات للغيري بما أمر به للتوصل إلى واجب آخر ليس مطلق الأمر اللازم الواجب بل اللازم الذي قد تعلق به الأمر في الظاهر وفي لسان الدليل وذلك بقرينة قوله المتقدم أحدهما أن يكون ما يترتب عليه أمرا لا يكون متعلقا لطلب في الظاهر... إلخ ومن المعلوم ان الخواص والفوائد المترتبة على الواجبات النفسية ليست من هذا القبيل فإنها وإن كانت لازمة في حد ذاتها ولكنها مما لم يؤمر بها في الظاهر وفي لسان الدليل وإن كانت مما جاز الأمر بها شرعا بلا مانع عنه ولا محذور لكونها مقدورة للمكلف بالواسطة (وعلى هذا) فالفرق بين النفسي والغيري محفوظ ثابت لا يختلط بعضهما ببعض فالغيري ما أمر به لواجب آخر قد أمر به في الظاهر وفي لسان الدليل والنفسي ما لم يكن كذلك سواء كان محبوبا بنفسه وفي ذاته كالمعرفة بالله الكريم أو كان محبوبا لأجل ما يترتب عليه من الخواص والفوائد اللازمة الواجبة كأغلب الواجبات النفسية فتأمل جيدا.
(٣٤٥)