عناية الأصول في شرح كفاية الأصول - السيد مرتضى الحسيني اليزدي الفيروز آبادي - ج ١ - الصفحة ٣١٤
وإتيان الثاني وحينئذ يقع الإشكال في أن المكلف في هذه الصورة لا علم له بالتكليف بل شاك فيه فكيف يقال فيها بوجوب المعرفة والتعلم وبترشح الوجوب منه إليهما (فنقول) انه يجب المعرفة والتعلم في هذه الصورة شرعا غيريا لحفظ الواقعيات بأدلة خاصة من الإجماع القطعي والكتاب والسنة من الآيات والروايات التي سيأتي تفصيل الكل في خاتمة الأصول إن شاء الله تعالى المقيدة لإطلاقات أدلة البراءة الشرعية وان لم تجر البراءة العقلية بنفسها من غير حاجة إلى ما يقيدها فان موضوعها اللابيان وما لم يتفحص لم يحرز اللابيان (وبالجملة) ان البراءة العقلية في هذه الصورة الثانية مما لا تجري قبل البحث والفحص بحد اليأس فإذا لم تجر البراءة العقلية استقل العقل قهرا بتنجز الأحكام على الأنام بمجرد احتمالها ولكن إطلاقات أدلة البراءة الشرعية واردة على حكم العقل رافعة لموضوعها كما أن الأدلة الخاصة من الإجماع القطعي والكتاب والسنة من الآيات والروايات الدالة على وجوب المعرفة والتعلم مقيدة لإطلاقات أدلة البراءة الشرعية فيكون الدليل بالأخرة على وجوب المعرفة والتعلم هي الأدلة الخاصة دون غيرها.
(الثالثة) أن يعلم المكلف إجمالا بتكاليف مشروطة بشرائط غير حاصلة فعلا لا يعلم كيفيات تلك التكاليف كما إذا علم إجمالا بوجوب الحج مشروطا بالاستطاعة الغير الحاصلة فعلا أو بوجوب صلاة الآيات مشروطا بالخسوف أو الكسوف أو غيرهما الغير الحاصل في هذا الحال من دون أن يعرف تفصيل الحج ولا تفصيل صلاة الآيات أصلا (ففي هذه الصورة) لا إشكال أيضا في وجوب المعرفة والتعلم ولو من قبل حصول الشرط وآيته أنه لو ترك المعرفة والتعلم حتى حصل الشرط ولم يتمكن عنده من المعرفة والتعلم وفات منه الواجب استحق العقاب قطعا فحينئذ (يقع الإشكال) في أنه كيف وجبت
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»