بالنسبة إلى النهى فسمى هذا المبنى بالاجتماع والقائلون بذلك بالاجتماعين.
وذهب آخرون إلى الامتناع عقلا وان اتحاد متعلق الامر والنهى خارجا يستلزم اجتماع، الضدين، أعني تعلق إرادة الامر وكراهته بالنسبة إلى فعل واحد وهو مستحيل، ولا ينفع في ذلك تعدد العنوان، فان كثرة الاسم لا يجعل المسمى متكثرا ويسمى هذا المبنى بالامتناع والقائلون به بالامتناعيين.
تنبيهان:
الأول: قد علم مما ذكرنا أن وجه الاشكال في المسألة هو لزوم المحذور العقلي في ناحية الحكيم الصادر عنه الحكم، فالقائل بالامتناع يدعى استحالة توجيه الحكمين على النحو المذكور لاستلزامه اجتماع الإرادة والكراهة في نفس المولى مع تعلقهما بفعل واحد في زمان واحد، فالمحذور هو كون نفس التكليف محالا، لا انه يلزم التكليف بالمحال فإنه على فرض لزومه في بعض الموارد محذور آخر.
الثاني: العنوانان المتعلقان للامر والنهى المنطبقان على وجود واحد يتصوران على أقسام ثلثة.
أولها: أو يكون بينهما التساوي في الصدق كما إذا قال جئني بالضاحك، وقال لا تجئ بالقاتب.
ثانيها: أن يكون بينهما العموم من وجه كما إذا قال صل ولا تغصب.
ثالثها: ان يكن بينهما العموم المطلق كما إذا قال جئني بحيوان وقال لا تجئ ببقر.
والظاهر أن في موارد التصادق في الجميع يجرى نزاع الاجتماع والامتناع، فيقول المجوز انه لا محذور عقلي من ناحية المولى في تعلق التكليفين بمورد الاجتماع وان كان المانع من ناحية العبد موجودا في القسم الأول، فإنه لا قدرة له لو أراد الامتثال التام باتيان المأمور به وترك المنهى عنه للتلازم بينهما في الوجود، فعدم جواز القسم الأول لدى الاجتماعي انما هو للزوم التكليف بالمحال لا التكليف المحال بنفسه، بخلاف