وبعبارة أخرى لا يخلو حال المكلف من انه اما ان يفعلهما معا أو يتركهما معا أو يفعل أحدهما ويترك الاخر; ففي كل من الأولين يحصل العلم بالمخالفة القطعية والموافقة القطعية وعلى الثالث لا علم في البين بل احتمال الموافقتين واحتمال المخالفتين والعقل يحكم باختياره.
ثم إن مسألة أصالة التخيير أيضا تنقسم إلى مسائل أربع فان الشك اما أن يكون من جهة عدم الدليل على تعيين أحدهما أو اجماله أو تعارضه أو اشتباه الأمور الخارجية، فأمثلة الشبهة الحكمية للمورد الأول من التخيير ما إذا أقام الاجماع على أن صلاة الجمعة في يومها لا تخلو من حكم الزامي، وشك في أن ذلك الحكم هو الوجوب أو الحرمة لعدم الدليل على التعيين أو انه " عليه السلام " قال: " صل الجمعة في يومها " ولم يعلم انه استعمل الامر في الايجاب أو التهديد وهذا اجمال النص أو انه ورد في رواية صل الجمعة وفى أخرى لا تصلها وهذا تعارض النصين، ومثال الشبهة الموضوعية ما لو علم بأنه نذر السفر أو امره والده بذلك فشك في أن النذر أو امر الوالد كان بفعله أو بتركه.
وأمثلة الشبهة الحكمية للمورد الثاني من التخيير الظهر والجمعة بناء على القول بأنه لو كانت إحديهما واجبة كانت الأخرى محرمة ذاتا ولا دليل على تعيين الواجب والحرام، ومثل ما لو قال صل الصلاة الوسطى ولا تصل الأخرى وشك في أن الوسطى هل هي الجمعة والأخرى الظهر أو العكس وهذا اجمال النص، ومثل ما لو ورد في خبر صل الجمعة ولا تصل الظهر وفي آخر صل الظهر ولا تصل الجمعة وهذا تعارض النصين ومثال الشبهة الموضوعية كما إذا كان هنا فعلان كالسفر واطعام زيد وعلم بان والده امر بأحدهما ونهى عن الاخر ونسي ما عينه الوالد.
تنبيهان:
الأول: في مسئلتنا هذه أقوال:
أولها: حكم العقل بالتخيير بين الفعل والترك كما ذكرنا والدليل عليه قبح الترجيح من غير مرجح واما من حيث الشرع فالمورد خال عن الحكم الظاهري.
ثانيها: الحكم بالبراءة في كل من الطرفين عقلا ونقلا، فإذا شككنا في وجوب