الثاني: أدلة البراءة الشرعية من حيث عمومها للشبهة الوجوبية والتحريمية مختلفة فالاجماع والكتاب وأكثر الاخبار تشمل الشبهتين جميعا، والروايتان الأخيرتان لا تدلان الا على البراءة في الشبهات التحريمية فقط.
الثالث: اختلف أقوال الأصحاب (قدس سرهم) في القول بالبراءة فالمشهور من الأصوليين القول بها مطلقا عقليها ونقليها في الوجوبية والتحريمية، وفصل بعض المحققين منهم في البراءة العقلية بين الشبهات الحكمية والموضوعية فقال بالجريان في الأولى دون الثانية.
ومعظم الأخباريين منعوا البراءة العقلية مطلقا وعزلوا العقل عن الحكم في هذا المضمار وأجروا البراءة النقلية في خصوص الشبهة الوجوبية فهم في الوجوبية قائلون بالبراءة ومشكوك الوجوب عندهم مباح وفى التحريمية قائلون بالاحتياط ومشكوك الحرمة عندهم حرام وهنا أقوال أخر أعرضنا عن ذكرها طلبا للاختصار.
الرابع: للعلامة الأنصاري (قدس سره) في بيان أقسام الشبهة الوجوبية والتحريمية للبرائة تقسيم ببيان آخر غير ما ذكرنا، وحاصله ان التكليف المشكوك فيه اما تحريم مشتبه بغير الوجوب اما وجوب مشتبه بغير التحريم واما تحريم مشتبه بالوجوب، ويعبر عن الأول بدوران الامر بين الحرمة وغير الوجوب، وعن الثاني بدورانه بين الوجوب و غير الحرمة، وعن الثالث بدورانه بين الوجوب والحرمة، وعلى كل من الأقسام الثلاثة تارة يكون متعلق التكليف الواقعة الكلية ويكون منشأ شكها عدم النص أو اجماله أو تعارضه; وأخرى الواقعة الجزئية مع كون منشأ شكها اشتباه الأمور الخارجية; فكل من الأقسام الثلاثة ينقسم إلى أقسام أربعة والمجموع اثنى عشر قسما ثمانية منها داخلة في مسائل البراءة وأربعة في مسائل التخيير كما سيجئ.