الثالث: تقسيمه إلى الوضع الشخصي والوضع النوعي.
بيانه ان اللفظ له مادة وهيئة فالمادة هي ذات الحروف المرتبة (نحو ض رب) بلا شرط لحاظ الاعراب والحركة، والهيئة هي الصور العارضة لتلك المواد كضرب وضارب ومضروب وأيا منهما لاحظه الواضع تفصيلا في مقام الوضع فالوضع بالنسبة إليه شخصي، وما لاحظه اجمالا فهو بالإضافة إليه نوعي.
فالأقسام ثلاثة: لحاظ الهيئة والمادة تفصيلا، ولحاظ الأول تفصيلا دون الثاني; والعكس.
فالأول: كوضع الاعلام الشخصية والجوامد من الألفاظ فان الواضع لاحظ لفظة انسان وزيد وحجر وشجر بموادها وهيئاتها ووضعها لمعانيها، ومنه الموضوع الأول في المشتقات كما ستعرف.
والثاني: كوضع سائر المشتقات مما وضع بعد الوضع الأول.
وتوضيحه: ان المشتقات على أقسام كثيرة; كاسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة والماضي والمضارع والمصدر فإنه أيضا من المشتقات، فلا بد للواضع عند الوضع من تقديم واحد منها ولحاظ كل من هيئة ومادته مستقلا ووضعهما كذلك إذ لا وضع للمادة مجردة عن الهيئات، فأيا منها قدمه كان وضعه بهيئته ومادته شخصيا فإذا قدم الماضي مثلا وقال وضعت كلمة ضرب لمعنى كذا وسمع لكذا وعلم لكذا وهكذا تم حينئذ وضع الماضيات من الأفعال; وبذلك تم وضوع نوع من الهيئات ووضع جميع المواد فيكون وضع الماضي شخصيا هيئة ومادة ويقال ان الماضي أصل في الكلام أو في الوضع، فإذا أراد وضع أسماء الفاعلين مثلا فيلاحظ فقط هيئتها معينة تفصيلا، ولا يلزمه حينئذ لحاظ المادة كذلك لثبوت المواد كلها في ضمن الموضوع أولا وهو الماضي من كل فعل، فيكفيه الإشارة الاجمالية إليها فيقول وضعت هيئة الفاعل في ضمن أي مادة من المواد الموجودة في ماضيات الأفعال، لذات ثبت لها تلك المادة، فيكون وضع الهيئة شخصيا والمادة نوعيا، وهكذا سائر المشتقات حتى المصدر ولذلك يقال ان تلك المشتقات فرع للماضي في الوضع، ولو فرضنا كون الملحوظ أولا هو المصادر أو المضارعات، كان ذلك أصلا، ومن هنا ذهب طائفة إلى أن المصدر هو الأصل