بعد ذلك ولا ريب ان المرجع فيه هو الاشتغال دون البراءة فافهمه واغتنم * (الأمر السادس) * إذا تعلق العلم بالتكليف المردد بين أمرين تدريجيين في الوجود غير مجتمعين في زمان واحد فهل يوجب تنجيزه فيهما كالدفعيين أم لا فيه وجوه بل أقوال وقد ذكر العلامة الأنصاري (قده) لذلك أمثلة ثلاثة (الأول) ما إذا كانت زوجة الرجل مضطربة في حيضها بان نسيت وقتها وان حفظت عددها فتعلم اجمالا انها حائض في الشهر ثلاثة أيام مثلا (الثاني) ما إذا علم التاجر بابتلائه في يومه أو شهره بمعاملة ربوية (الثالث) ما إذا نذر أو حلف على ترك الوطئ في ليلة ثم اشتبهت بين ليلتين أو أزيد واختار في الأول منها عدم تنجيز العلم والرجوع فيه إلى الأصول وفي الثاني وجوب الاحتياط واستظهره في الثالث أيضا ولكنه لم يبين الفرق بين الأمثلة ولتحقيق ذلك (نقول) ان الزمان لا يخلو من أنه إما ان لا يكون دخيلا في ملاك الحكم وخطابه وإما أن يكون دخيلا فيهما واما أن يكون دخيلا في الخطاب دون الملاك على ما مر تفصيله في بحث الواجب التعليقي (اما القسم الأول) وهو ما إذا لم يكن للزمان دخل في ملاك الحكم وخطابه (فلا ريب) في وجوب الاجتناب عن أطراف العلم فيه كما في مثال الابتلاء بالمعاملة الربوية فإن الملاك في تنجيز العلم هو فعلية الخطاب وامكان الانبعاث عنه ولا ريب في أن حرمة الربا كحرمة الكذب والغيبة ونحوهما حكم فعلي قابل للإطاعة والمعصية ومجرد اختيار المكلف ايقاع متعلقه خارجا في الزمان المتأخر لا يمنع عن فعلية الحكم وتنجزه كما هو ظاهر وهذا هو المراد من عبارته (قده) من فعلية الابتلاء بالاطراف في مثل المثال فإن نظره (قده) إلى أن الحكم فيه فعلي على كل تقدير والتأخير باختيار المكلف لا يكون مانعا عن فعلية الحكم والابتلاء كما هو ظاهر (واما القسم الثالث) وهو ما إذا كان الزمان دخيلا في الخطاب دون الملاك كمثال النذر والحلف حيث إن التكليف فيهما المجعول بنحو القضايا الحقيقية يتبع ما اخذه الناذر والحالف في الموضوع فإذا فرض اخذه الليلة المتأخرة فيه فلا محالة يكون فعلية الخطاب متوقفة على تحققها على ما هو المختار عندنا من استحالة الخطاب التعليقي ولكنه لا يمنع من تمامية الملاك فعلا من جهة انعقاد النذر والحلف بحيث لو كان التكليف بالامر المتأخر ممكنا لكان التكليف في موردهما فعليا لا محالة فالظاهر الحاقه بالقسم الأول فإن فعلية الملاك الملزم على كل تقدير يمنع من الرجوع إلى الأصل في الأطراف ضرورة ان الشك حينئذ يكون في الخروج عن عهدة الامتثال بعد العلم بتحقق ما هو الملاك التام للتكليف فعلا وان
(٢٧٢)