أجود التقريرات - تقرير بحث النائيني ، للسيد الخوئي - ج ٢ - الصفحة ٣٧
الالتزام به ممن لا يلتزم بالعقل وينكر كل بديهي ليس بعزيز (الثاني) ان الاحكام انما جعلت لمصلحة اقتضت التشريع وحفظا لتلك المصلحة لا بد من ايجاب أمور وتحريم أمور وحيث إن الافعال بعضها مشتملة على المصلحة وبعضها الآخر على المفسدة فهما صارتا مرجحتين في ايجاب ما فيه المصلحة وتحريم ما فيه المفسدة والا فليست المصلحة أو المفسدة بنفسهما مناطين لجعل الواجب أو الحرمة وهذا القول ربما مال إليه بعض العدلية تبعا لهم ولا يخفى اشتراك هذا القول مع القول الأول في الفساد فان الضرورة قاضية بعدم المصلحة في جعل المكلفين في الكلفة الا إيصال المصالح إليهم وتبعيد المفاسد عنهم والا فأي مصلحة تقتضي جعلهم في الكلفة مع عدم رجوع المنفعة إليهم هذا وقد تواترت الاخبار معنى بمضمون قوله صلى الله عليه وآله ما من شئ يقربكم إلى الجنة ويبعدكم عن النار الا وقد امرتكم به وما من شئ يقربكم إلى النار ويبعدكم عن الجنة الا وقد نهيتكم عنه الصريح في انبعاث الاحكام عن المصالح والمفاسد في الافعال وكيف كان فلا ريب في أن مناطية المصالح والمفاسد للأحكام ضرورية لا يمكن انكارها وسيجئ إن شاء الله تعالى في الجهة الرابعة بعض المغالطات الواقعة في هذا المقام والكشف عنها (ثم) لا يخفى ان انكار قبح الترجيح بلا مرجح المختص بالأشاعرة انما هو مع عدم وجود المرجح أصلا وعليه بنوا انكار تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد كما عرفت انفا واما الترجيح في الفرد مع وجود المصلحة في النوع من دون مرجح في خصوص ذلك الفرد فهو ليس تقبيح ضرورة ان العاقل لا يفوت المصلحة الثابتة في النوع بعدم وجود المرجح في خصوص فرد من افراده وقد بينا تفصيل هذا المطلب ونقلنا عن الفخر الرازي كلاما لطيفا في هذا المقام في بحث الطلب والإرادة فراجع (الجهة الثانية) في بيان ان العقل هل يدرك الحسن والقبح بعد الفراغ عن اثبات أنفسهما أم لا والتحقيق ان يقال إن العقل وان لم يكن له ادراك جميع المصالح والمفاسد الا ان انكار ادراكه لهما في الجملة وبنحو الموجبة الجزئية مناف للضرورة أيضا ولولا ذلك لما ثبت أصل الديانة ولزم افحام الأنبياء إذ اثبات النبوة العامة فرع ادراك العقل لقاعدة وجوب اللطف كما أن اثبات النبوة الخاصة بظهور المعجزة على يد مدعيها فرع ادراك العقل قبح اظهار المعجزة على يد الكاذب ومع انكار ادراك العقل للحسن والقبح بنحو السالبة الكلية كيف يمكن اثبات أصل الشريعة فضلا عن فروعها (الجهة الثالثة) في بيان ان حكم العقل بعد تسليم ادراكه للحسن أو القبح بنحو الموجبة الجزئية هل يكون ملازما لثبوت
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»