أجود التقريرات - تقرير بحث النائيني ، للسيد الخوئي - ج ٢ - الصفحة ٣٢
جمعا حسنا الا انه يتوقف على وجود شاهد من الاخبار وعمل جمع من الأصحاب على طبقه والا فهو جمع تبرعي لا يمكن كونه منشأ للفتوى نعم يمكن أن تكون الرواية الواردة في دخول القاتل والمقتول كليهما في النار من جهة تحقق القتل من أحدهما والإرادة من الآخر التي هي العمدة في اخبار الباب دالة على حرمة نية السوء إذا وقعت الحركة على طبقها لكن لا مطلقا بل في خصوص ما إذا كان المانع عن عدم تحقق المعصية أمرا خارجيا حائلا بين الشخص وبين المعصية وبها يخصص اخبار العفو عن نية المعصية وتحمل على غير تلك الصورة ولكن مع ذلك لا يمكن الحكم بحرمة التجري إذ المتجري وإن كان ناويا للسوء إلا أنه لم يقع منه في الخارج قصد نحوه بل كان ما فعله تصديا خياليا وغاية ما أمكننا ان نحكم بحرمته هو ما إذا كان التصدي حقيقيا كما هو مورد الرواية الدالة على الحرمة لا ما إذا كان خياليا كما في المقام وينبغي التنبيه على أمور (الأول) انه ربما يشكل على الأخبار الدالة على العفو عن نية السوء بأنها تنافي قاعدة اللطف فإنها تقتضي تبعيد المكلف عن المعصية وتقريبه إلى الطاعة والعفو اللازم ينافي ذلك إذ لا يكون بعده رادع للمكلف عن نية المعصية وبمثله يشكل على ما دل على العفو عن الصغاير في فرض الاجتناب عن الكبائر ولكنه لا يخفى فساد الاشكال في كلا المقامين أما في المقام فلان الناوي للمعصية لا يتحقق منه النية بما انها نية بنحو المعنى الاسمي حتى تكون الأخبار الدالة على العفو عنها موجبة لتحققها من المكلف بل تحقق النية منه إنما يكون باعتبار كونها فانية في المنوي وبنحو المعنى الحرفي الالتفات إلى قبح المعصية وإلى ترتب العقاب عليها يكفي في الرادعية عن تحقق النية ولو مع القطع بعدم ترتب العقاب على نفسها وبعبارة أخرى جعل العقاب على المنوي وما يصدر من المكلف خارجا كما أنه يكفي في كونه رادعا عن تحقق نفسه في الخارج كذلك يكفي في كونه رادعا عن تحقق نيته فإن الملتفت إلى قبح المنوي مع التزامه بعدم ارتكاب القبيح لا يتحقق منه نية لا محالة وأما في مسألة العفو عن الصغائر فلان العفو عنها إذا كان مطلقا وغير متعلق على شئ لكان للاشكال المذكور من كونه منافيا لقاعدة اللطف مجال واسع وأما إذا كان معلقا على الاجتناب عن الكبائر فكونه منافيا لها يتوقف على امكان الوثوق من المرتكب لها بأنه لا يرتكب كبيرة أصلا حتى يكون مأمونا من العقاب حين ارتكابها وحصول هذا الوثوق من البعد بمكان يليق بالمستحيل العادي ومع عدم حصوله لا يمكن أن يكون العفو المعلق مؤمنا له حين الارتكاب حتى يكون منافيا لقاعدة
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»