التقية مأمورا بها فهو لا يكون بأمر حقيقة بل هو مجرد تكلم بلفظ المصلحة في نفس التكلم وأين ذلك من تخلف الحكم عن الملاك (وبالجملة) فما ذهب إليه قدس سره من امكان انفكاك الحكم عن الملاك وبالعكس واستدلاله على ذلك بهذه الوجوه الضعيفة لم يكن مترقبا منه قدس سره وكيف كان فلا ريب بعد اثبات تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد وبعد اثبات امكان ادراك العقل لهما في الجملة في ثبوت الملازمة من الطرفين (الجهة الرابعة) فيما ذهب إليه الأخباريون في المقام والجواب عنه ولا يخفى أن كلماتهم فيه وإن كانت مختلفة جدا إذ ظاهر كلام بعضهم انكار الملازمة بين الحكم العقلي والشرعي وظاهر بعض آخر منهم عدم جواز الاستدلال بالأدلة العقلية الظنية على الأحكام الشرعية مع دعوى عدم امكان حصول القطع بها من غير الطرق الشرعية ومظاهر جماعة أخرى منهم عدم حجية القطع بالحكم الحاصل من غير الطرق الشرعية الا ان الذي يجتمع عليه كلماتهم هو دعوى لزوم توسط الأوصياء سلام الله عليهم في التبليغ فكل حكم لم يكن فيه وساطتهم فهو لا يكون واصلا إلى مرتبة الفعلية والباعثية وإن كان ذلك الحكم واصلا إلى المكلف بطريق آخر وهذا الذي يدعونه من كون التبليغ بوساطة حجج الله تعالى مأخوذة في موضوع الاحكام وإن كان أمرا ممكنا من باب نتيجة التقييد على ما بينا توضيح ذلك في نظائر المقام مرارا الا أن الكلام معهم في ذلك في مقام الاثبات وإقامة الدليل على المدعي وما يمكن ان يستدل لهم على ذلك امران (الأول) هو احتمال مدخلية وساطتهم عليهم السلام في فعلية الاحكام والعقل بعد احتمال ذلك يستحيل أن يستقل على وجه الجزم بشئ حتى يحكم بملازمة الحكم الشرعي له ويرد هذا الوجه أن العقل بعد ما أدرك المصلحة الملزمة في شئ كالكذب المنجي للنبي أو لجماعة من المؤمنين مثلا وأدرك عدم مزاحمة شئ آخر لها وأدرك الأحكام الشرعية ليست جزافية وانما هي لأجل ايصال العباد إلى المصالح وتبعيدهم عن المفاسد كيف يعقل ان يتوقف في استكشاف الحكم الشرعي بوجوبه ويحتمل مدخلية وساطتهم صلوات الله وسلامه عليهم بل لا محالة يستقل بحسن هذا الكذب ويحكم بمحبوبيته والحاصل ان المدعي هو تبعية الحكم الشرعي لما استقل به العقل من الحسن أو القبح وبعد الاستقلال لا يبقى مجال لهذا الاحتمال أصلا (الثاني) الأخبار الكثيرة التي لا يبعد تواترها معنى الدالة على وجوب الرجوع إلى الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ووجوب الاعتقاد بهم وعدم الاعتناء بالعقل في الأحكام الشرعية ولا يخفي ان هذه
(٤٠)