المخالفة الواقعية (وبالجملة) حال من لا يستند في اقتحامه إلى حجة شرعية أو عقلية حال من لم يكن عنده حجة أصلا في أنه مع وجود المخالفة الواقعية يستحق عقاب العاصي ومع عدمها يستحق عقاب المتجري وصرف وجود الحجة مع عدم الاستناد عليها لا يوجب رفع العقاب عن المرتكب بل يمكن ان يقال بأشدية العصيان أو التجري عند قيام الحجة النافية مع عدم الاستناد إليها من العصيان أو التجري في موارد القطع بالمخالفة فان الاقدام على مخالفة المولى وعصيانه حتى في الموارد المحتملة رجاء لتحقق المعصية لا ينشأ الا عن سوء سريرة أقوى من سوء السريرة الموجودة في موارد القطع بالمخالفة فالعقاب عليه في فرض المصادفة وعدمها يكون أولي من العقاب على المعصية أو التجري الموجودين في موارد القطع (الثالث) ان صاحب الفصول (قده) بعد ما ذهب إلى قبح التجري في حد ذاته التزم بانقسامه إلى الأحكام الخمسة باعتبار مزاحمة قبحه في بعض الموارد بالمصلحة الواقعية ففي مثل ما إذا تجرى العبد بعدم قتل من قطع بعداوته للمولى التزم بعدم القبح بل بالحسن فيما إذا انكشف كونه ابنا للمولى (ثم) انه ذكر في بعض كلماته انه إذا صادف التجري المعصية الواقعية تداخل عقابهما وحاصل ما ذكره فيحل إلى دعاو ثلاث (الأولى) ان قبح التجري يمكن زواله بعروض عنوان آخر موجب لحسنه فيختلف حاله في الحسن والقبح باختلاف الوجوه من الاعتبارات (الثانية) ان مصادفة مورد التجري لمحبوب المولى واقعا من جملة الوجوه التي بها يرتفع قبح التجري (الثالثة) ان في صورة مصادفة التجري للمعصية الواقعية يتداخل عقابهما وكل هذه الدعاوي فاسدة اما الدعوى الأولى فيبطلها ان الافعال باعتبار كونها حسنة أو قبيحة بحكم العقل على إقامة ثلاثة فان منها ما ليس فيه اقتضاء الحسن والقبح أصلا ويحتاج في اتصافه بهما إلى عروض عنوان خارجي عليه وهذا كالمباحات فإنها لا تتصف بالحسن والقبح في حد ذواتها (نعم) إذا عرض لها عنوان محسن أو مقبح فهي تتصف بالحسن أو القبح (ومنها) ما يكون فيه اقتضاء الحسن أو القبح لكن لا يمتنع ان يعرض له عنوان آخر يغيره عما هو عليه وهذا كالصدق والكذب فان الأول مقتض للحسن وما لم يكن هناك جهة أخرى كالاضرار بمؤمن مثلا فيتصف بالحسن كما أن الثاني فيه اقتضاء القبح وما لم يعرض له جهة محسنة كانجاء مؤمن أو دفع فتنة مثلا فيتصف بالقبح فالصدق مع بقاء عنوانه يمكن ان يتصف بالقبح لعروض عنوان آخر كما أن الكذب مع كونه كذبا يمكن ان يتصف بالحسن لأمر خارجي (ومنها) ما يكون علة تامة للحسن أو
(٣٤)