أجود التقريرات - تقرير بحث النائيني ، للسيد الخوئي - ج ٢ - الصفحة ٣٣
اللصف (الثاني) انا قد ذكرنا في صدر المبحث ان التكلم في التجري لا يختص بخصوص مورد القطع بل يجري في موارد الأصول والامارات مطلقا محرزة كانت أو غير محرزة ولكنه لا يخفى ان حجية الامارات أو الأصول إذا كانت من باب السببية فيمكن تحقق التجري من جهتين (الأولى) من جهة الواقع (الثانية) من جهة المخالفة للحكم الظاهري وتوضيح ذلك أنه إذا دامت البينة على خمرية مايع خارجي فالشارب له تارة يشربه من جهة عدم مبالاته بشرب الخمر وأخرى لعدم مبالاته بمخالفة البينة من جهة عدم بنائه على كونها حجه وإلا فلو كانت الخمرية مقطوعة عنده لما تحقق منه الشرب خارجا اما التجري من الجهة الأولى فلا يكون إلا بالإضافة إلى الحكم الواقعي واما بالإضافة إلى الجهة الثانية فكونه تجريا يتوقف على انكشاف عدم جعل الشارع للبينة حجة وإلا فيكون الشرب معصية حقيقية ويخرج بذلك عن مبحث التجري والحاصل ان شرب المايع الذي قامت الحجة على خمريته عند المكلف كما يكون تجريا بالإضافة إلى الواقع فيما إذا انكشف عدم الخمرية بعد الارتكاب كذلك يكون تجريا بالإضافة إلى الحكم الظاهري المقطوع جعله من قبل الشارع المنكشف خلافه بعد ذلك بانكشاف عدم اعطاء الشارع لها صفة الحجية واما بناء على كون الحجية من باب الطريقية كما هو المختار عندنا فليس هناك حكم ظاهري مجهول في موارد قيام الحجة الشرعية أصلا حتى يمكن فرض التجري بالإضافة إليه في قبال الواقع فيتمحض التجري عند قيام الحجة عند المكلف على خمرية مايع مثلا في التجري بالإضافة إلى الواقع ليس الا (ثم) لا يخفى ان في موارد الأصول والامارات النافية للتكليف وان أمكن الاحتياط وكان حسنا ما على ما سيجئ إن شاء الله تعالى من عدم منافاة وجود الحجة على العدم مع حسن الاحتياط الا ان من لم يحيط واقتحم فيها إذا كان في اقتحامه مستند إلى الحجة الموجودة فيها فلا يتحقق منه التجري ويكون معذورا ولو انكشف وقوعه في المخالفة الواقعية واما إذا لم يكن الاقتحام استنادا إلى الحجة الشرعية بل لرجاء تحقق المعصية منه كمن شرب المايع المحكوم بعدم الخمرية برجاء كونه خمرا فلا ريب في حسن مؤاخذته إذا كان الاقتحام موجبا لتحقق المخالفة الواقعية فان المخالفة الواقعية انما يقبح العقاب عليها إذا كانت مستندة إلى حجة شرعية أو عقلية واما في غير ذلك فلا موجب لقبحه وسيجئ تفصيل الكلام في ذلك في مبحث البراءة إن شاء الله تعالى بل لو بينا على استحقاق المتجري للعقاب فلا ريب في حسن المؤاخذة في المقام ولو لم يكن الاقتحام موجبا لتحقق
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»