(وإذا) كان الدوران بينهما من باب التخصيص فلا شبهة في أن المتعين في مثله هو الثاني، ومعه لا محيص من تطبيق عمومات الاضطرار على خصوص الجز والقيد والحكم بما تقتضيه من وجوب فعل البقية (نعم) قد يناقش حينئذ في أصل اقتضاء عمومات الاضطرار لاثبات وجوب البقية، بدعوى ان غاية ما تقتضيه العمومات المزبورة انما هو رفع الجزئية أو الشرطية والمانعية عن المضطر إليه (واما) اقتضائها لاثبات التكليف بالبقية فلا، بل يحتاج ذلك في غير مورد إطلاق دليل المركب والمقيد إلى قيام دليل عليه اما بنحو العموم أو الخصوص ولو بمثل قوله عليه السلام الصلاة لا تترك بحال مؤيدا ذلك بعدم بناء الأصحاب فيما عدا الموارد التي وردت فيها النصوص الخاصة على التمسك بعمومات الاضطرار لاثبات التكليف بالمركب والمقيد عند تعذر جزئه وقيده، حيث إن بنائهم في أمثال المقام انما هو على إثباته بأمور اخر كقاعدة الميسور ونحوها مما تتضمن وجوب فعل البقية (ولكنه) يندفع ذلك بان تكفل هذه العمومات لاثبات وجوب البقية انما هو بعين تكفل رفع الجزئية والشرطية والمانعية عن المضطر إليه، فان من لوازم رفع الجزئية و الشرطية عن المضطر إليه هو كون الباقي في حال الاضطرار مصداق المأمور به، فإذا فرض اقتضائها رفع الجزئية والشرطية عن المضطر إليه يستفاد منه ان الباقي تمام المأمور به في حال الاضطرار فيجب الاتيان به بلا حاجة إلى التماس دليل آخر في البين يقتضي وجوب الاتيان بالباقي (وربما يشهد لما ذكرناه) ما في كثير من النصوص من استشهاد الإمام عليه السلام بمثل هذه العمومات لرفع جزئية المتعذر أو شرطيته وإيجاب الامر بالبقية، كاستشهاده عليه السلام في خبر عبد الاعلى لرفع شرطية المسح على البشرة بعموم أدلة الحرج، ولرفع جزئية القيام والركوع لغير المتمكن منهما في خبر آخر بقوله وليس شئ مما حرم الله إلا وقد أحله لمن اضطر إليه، وكذا ما ورد في مسألة المسلوس من قوله عليه السلام وان لم يقدر على حبسها فالله أولى بالعذر (اللهم) إلا أن يناقش فيها بان استشهاد الإمام عليه السلام بهذه العمومات انما هو لمجرد رفع الجزئية والشرطية عن المتعذر وان إيجاب فعل البقية في تلك الموارد انما كان مستفادا من الخارج أو من نفس الامر المستفاد من تلك النصوص، لا ان ذلك كان من جهة اقتضاء عمومات الاضطرار فتأمل
(٤٥٤)