الاختلاف المزبور انما نشأ من جهة اقتضاء خصوصية الموردين والا فما أريد من الجهالة في الموردين الا المعنى العام الشامل للغفلة و الشك (ومنها) قوله عليه السلام في صحيحة عبد الله بن سنان، كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه (بتقريب) دلالتها على أن كل فعل قابل لان يتصف بالحلية والحرمة فهو حلال حتى تعرف حرمته (وفيه) ان ظاهر قوله عليه السلام كل شئ فيه انما هو كون الشئ منقسما إليهما فعلا بمعنى وجود القسمين فيه بالفعل لا تردده بين كونه حلالا أو حراما (وهذا) لا يتصور في الشبهات الحكمية فان القسمة فيها ليست فعلية وانما هي فرضية محضة حيث إنه ليس فيها الا احتمال الحل والحرمة كما في شرب التتن المشكوك حليته وحرمته وكذا لحم الحمير ونحوه (فيختص) بالشبهات الموضوعية التي كان الشك فيها في الحل والحرمة من جهة الشك في انطباق ما هو الحرام على المشتبه كما يؤيده ظاهر كلمة منه وبعينه أيضا (إذ) فيها يصح الانقسام الفعلي كما في اللحم المطروح المشكوك كونه من المذكى أو الميتة، فان اللحم قسم منه حرام بالفعل وهو الميتة وقسم منه حلال وهو المذكي فإذا اشتبه الحال ولا يعلم أن المشكوك من أي القسمين يحكم عليه بالحلية إلى أن يعلم كونه من القسم الحرام (فتكون) هذه الرواية مساوقة لرواية عبد الله بن سنان عن أبي جعفر عليه السلام الواردة في السؤال عن حكم الجبن قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن الجبن فقال عليه السلام سألتني عن طعام يعجبني ثم أعطى الغلام درهما فقال يا غلام ابتع لنا جبنا ثم دعى بالغذاء فتغذينا وأتى الجبن فأكلنا فلما فرغنا قلت ما تقول في الجبن قال أو لم ترني آكله قلت أحب ان أسمعه منك فقال عليه السلام سأخبرك عن الجبن وغيره كل ما كان فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه (فان) المنساق منها أيضا بقرينة المورد هو الاختصاص بالشبهات الموضوعية هذا (ولكن يمكن) ان يقال بشمول الرواية للشبهات الحكمية نظرا إلى إمكان فرض الانقسام الفعلي فيها أيضا كما في كلي اللحم (فان) فيه قسمان معلومان حلال وهو لحم الغنم وحرام وهو لحم الأرنب وقسم ثالث مشتبه وهو لحم الحمير لا يدرى بأنه محكوم بالحلية أو الحرمة ومنشأ الاشتباه فيه هو وجود القسمين المعلومين فيقال بمقتضى عموم الرواية انه حلال حتى تعلم حرمته
(٢٣٣)