نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٧
المفسدة لا يكون نقصانا في العمر أو البدن والمال (وعلى فرض) تسليم حكم العقل بوجوب التحرز عن مثله يمنع كونه حكما مولويا يستتبع القبح واللوم، بل هو إرشاد محض للتخلص عن الوقوع في المفسدة المحتملة نظير أوامر الطبيب ونواهيه (ومع تسليم) مولويته نفسيا أو طريقيا يمنع استتباعه للحكم الشرعي في صورة القطع بالمفسدة فضلا عن فرض احتمالها، فان ذلك مبني على تمامية الملازمة بين حكم العقل بالحسن والقبح وحكم الشرع بالوجوب والحرمة و هو في محل المنع لعدم كون مجرد تحقق المناط في الشئ علة تامة للتكليف به شرعا لاحتياجه إلى أمور اخر من فقد الموانع و المزاحمات الواقعية التي لا سبيل للعقل إلى دركها (ومع الغض) عن ذلك نقول إنه يتم ذا إذا لم تكن المفسدة متداركة، والا فلا حكم للعقل في مطلق الضرر والمفسدة، كيف ولازمه هو عدم جريان البراءة في الشبهات الموضوعية أيضا لتحقق المناط المزبور فيها وهو كما ترى لا يلتزم به القائل المزبور، فلا بد فيها من الالتزام، اما بعدم وجوب دفع المفسدة المحتملة، أو الالتزام بتخصيص الوجوب بالضرر غير المتدارك فبكل ما يوجه ذلك يقال بمثله في الشبهات الحكمية أيضا (حيث) أمكن فيها دعوى الجزم بتدارك المفسدة على تقدير تحققها بمقتضى الأدلة المرخصة، إذ يستكشف من إطلاقها جبران المفسدة المحتملة وتداركها على تقدير تحققها واقعا، وبذلك لا يبقى موضوع للقاعدة المزبورة.
(ثم إن السيد أبو المكارم قده) استدل في الغنية للبرأة بان التكليف بما لا طريق إلى العلم به تكليف بما لا يطاق (والظاهر) ان المراد به كما استظهره الشيخ قده هو الاتيان بالعمل على وجه الإطاعة و الامتثال بحيث كان الامر هو الداعي إلى إتيان العمل، لا مجرد صدور العمل في الخارج كيف ما اتفق، والا فلا يكون ذلك مما لا يطاق بمجرد عدم العلم بالتكليف به (وبيان ذلك) ان الغرض من الأمر المولوي لما كان هو داعوية الامر ومحركيته لإيجاد العمل ولو بتوسيط حكم العقل بلزوم الإطاعة، فلا جرم في مقام توجيه التكليف يحتاج إلى إيصال الخطاب إلى المكلف ليتمكن من إتيان المأمور به على وجه الإطاعة والامتثال، والا فبدونه يستحيل توجيه التكليف الفعلي إلى المكلف بإيجاد العمل لعدم تمكنه حينئذ من الايجاد عن دعوة الامر وعدم ترتب ما هو الغرض من الامر والخطاب
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»