قبل الغليان لا يمكن أن يوجد مع اشتراط العصير في كونه محكوما بأحد هذين الحكمين بالغليان وإلا يلزم وجود المشروط قبل وجود الشرط والحكم قبل الموضوع وفرض وجود العصير العنبي أو نفس العنب مع الغليان لا يثبت وجوده ولا يخرجه عن كونه صرف فرض لا واقعية له.
وأما احتمال أن يكون الغليان مثلا واسطة في الثبوت لا في العروض مع بطلانه في حد نفسه - لعدم الشك في أن موضوع الحرمة و النجاسة هو العصير المغلي مثلا لا أنه ذات العنب بعلة الغليان - لا أثر له فيما نحن فيه غاية الامر بناء على فرض وجود الحكمين أي الحرمة والنجاسة قبل الغليان يكون من قبيل وجود الحكم قبل وجود تمام موضوعه وبناء على الثاني يكون من قبيل وجود الشئ قبل وجود علته وكلاهما في المحالية سواء (وأما القول) بأن الأحكام التكليفية ليست كالاحكام الوضعية من المجعولات الاعتبارية بل هي أمور انتزاعية ينتزع من مقام إبراز الإرادة فإذا أبرز الشارع إرادته أو كراهته بأمر أو نهى ولو بصورة التعليق فقهرا ينتزع الوجوب أو الحرمة ويكونان فعليين فلا مانع من استصحابهما. ففيه (أولا) ان هذا الكلام لا يرفع الاشكال عن استصحاب التعليقي في الأحكام الوضعية لأنها باعتراف الطرف أمور مجعولة في عالم الاعتبار فالاشكال موجود فيها (وثانيا) أنه لا شك في وجود هذه الاعتبارات أي الوجوب والحرمة وسائر الأحكام الخمسة التكليفية في عالم الاعتبار التشريعي وأنها من المجعولات الشرعية وقد تقدم تفصيل ذلك في الأحكام الوضعية.
وخلاصة الكلام في المقام أن قياس استصحاب التعليقي على استصحاب عدم النسخ في الاحكام الكلية لا وجه له من جهة أن استصحاب عدم النسخ عبارة عن إبقاء الحكم الكلي المجعول من طرف الشارع على الموضوع المقدر وجوده بطور القضية الحقيقية وعلى نهجها بمعنى فرض وجودها بجميع أجزائها