ولا يرتفع هذا التناقض إلا بأحد أمرين (أحدهما) عدم اتحاد زمان المشكوك والمتيقن وإن كان زمان اليقين والشك واحدا كما في الاستصحاب (والثاني) عدم اتحاد زمان اليقين والشك وإن كان زمان المتيقن والمشكوك واحدا كما هو كذلك في قاعدة اليقين، فالمقوم لقاعدة اليقين هو اختلاف زمان اليقين والشك مع وحدة زمان المتيقن والمشكوك، والمقوم للاستصحاب اختلاف زمان المتيقن والمشكوك وأما زمان اليقين والشك فيمكن فيه الاختلاف و يمكن أن يكون واحدا.
وخلاصة الكلام أن الاستصحاب هو الحكم ببقاء ما هو المتيقن سابقا في ظرف الشك في بقائه، فمتعلق الشك هو بقاء ما هو متيقن في الزمان السابق بدون سراية الشك إلى زمان الذي كان متيقنا، مثلا لو كان اجتهاد زيد أو عدالته متيقنا سابقا فشك في بقاء تلك العدالة أو الاجتهاد في الأزمنة المتأخرة مع بقاء اليقين السابق المتعلق بالعدالة أو الاجتهاد في الزمان السابق - بحيث يكون زمان السابق قيد الاجتهاد والعدالة لا قيد اليقين - فهذا مورد الاستصحاب، وهذا بخلاف قاعدة اليقين فان اليقين السابق لم يبق فيها والشك سرى حتى إلى وجوده في الزمان السابق، مثلا لو تيقن باجتهاد زيد ثم شك في أصل حدوث هذه الصفة له وارتفع اليقين من البين فهذا وهو قاعدة اليقين (وأما) لو لم يرتفع اليقين بحدوث الاجتهاد مثلا وإنما تعلق الشك ببقائه لا بأصل وجود هذه الصفة فهذا هو الاستصحاب، فالقضية المشكوكة والمتيقنة في الاستصحاب وحدتهما باعتبار ذات الموضوع (وأما) باعتبار وصف الحدوث والبقاء فمختلفان، فكونه متيقنا باعتبار الحدوث وكونه مشكوكا باعتبار البقاء، وأما القضيتان المشكوكة والمتيقنة في قاعدة اليقين فكلاهما باعتبار الحدوث ولا اختلاف بينهما لا ذاتا ولا وصفا بل الشك تعلق بعين ما تعلق به اليقين مع اختلاف زمان اليقين والشك.