منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٠
أن العقلا إذا علموا بوجود المقتضى يرتبون آثار وجود المقتضى ولا يعتنون باحتمال وجود المانع عن تأثير المقتضى (ففيه) أن العقلا لا يحكمون بوجود الشئ إلا بعد وجود علته التامة بجميع أجزائها ووجود شرائطها وفقد موانعها (نعم) في بعض الأحيان يرتبون آثار وجوده بصرف احتمال وجود الشئ من باب أهمية المحتمل (فيكون) احتياطا عقلائيا لا أنهم يبنون على وجود المقتضى بصرف اليقين بوجود المقتضى مع احتمال وجود المانع.
نعم إذا علموا بوجود المقتضى بالفتح - واحتملوا ارتفاعه بواسطة احتمال وجود الرافع - فلا يعتنون بهذا الاحتمال ويرتبون أثر بقاء ذلك المقتضى الموجود، ولكن أين هذا من بناء العقلا على اعتبار قاعدة المقتضى والمانع؟ بل هذا بناء العقلا على إبقاء ما كان وهو عين الاستصحاب (ونحن) لا ننكر أن من جملة أدلة الاستصحاب بناء العقلا على اعتباره كما سيأتي.
والحاصل أن الحكم بوجود المقتضى - بصرف وجود المقتضى مع احتمال وجود المانع وعدم الاطمئنان بعدمه - لا دليل عليه لا من العقل ولا من النقل (ولا فرق) فيما ذكرنا بين المقتضيات التكوينية - أي: ما يفاض الأثر التكويني منه مع اجتماع شرائطه وفقد موانعه كالنار مع الاحراق - وبين المقتضيات التشريعية كالملاكات التي في أفعال المكلفين التي تكون مقتضية لجعل الحكم على طبقها لو لم يكن مانع في البين كالحرج والضرر وأمثال ذلك (فيصرف) العلم بالملاك لا يجوز الحكم الشرعي على طبق الملاك مع احتمال وجود المانع بل لا بد من إحراز الملاك التام مع شرائطه وفقد موانعه حتى مع القول بالملازمة (ولعل) إلى هذا نظر من قال بإنكار الملازمة، و أيضا لعل إلى هذا يكون نظر جماعتنا الأخباريين في نفي إمكان استكشاف الحكم الشرعي بالأدلة العقلية مع أن إحراز ملاك الحكم الشرعي في غاية الاشكال والصعوبة ودين الله لا يصاب بالعقول.
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»