وأما فرق الاستصحاب مع قاعدة المقتضى والمانع فهو أوضح (لان) متعلق الشك واليقين مختلفان ذاتا ووصفا (فاليقين) تعلق بشي و هو المقتضى والشك تعلق بشي آخر أجنبي عنه وهو المانع، فمتعلق الشك واليقين في قاعدة اليقين متحد ذاتا ووصفا، (وأما) متعلقهما في قاعدة المقتضى والمانع فمختلف ذاتا ووصفا، فالمتيقن أبدي والمشكوك أزلي وفي الاستصحاب متعلقهما متحد ذاتا و مختلف وصفا أي: باعتبار وصف الحدوث والبقاء (وبعد ما ظهر) الفرق بين هذه القواعد الثلاث فالدليل على اعتبار الاستصحاب (إما بناء العقلا) أو الاخبار وسنتكلم فيه إن شاء الله تعالى وأما الدليل على اعتبار قاعدة اليقين (إما الاخبار) وسيأتي الكلام فيه وأنها لا تدل إلا على الاستصحاب، والجمع بينه وبين القاعدة لا يمكن (وإما بناء العقلا) على ترتيب آثار اليقين بالشئ إذا حصل ولو زال اليقين بعد ذلك وصار ما كان متيقنا مشكوكا من أول الامر، فمن تيقن برجوع زيد مثلا عن السفر في هذا اليوم يخرج لزيارته ولا يرجع عن عزمه بمحض حصول الشك في رجوعه بل يبنى على ترتيب آثار ذلك اليقين الأول وإن زال فعلا.
(وفيه) أن هذا دعوى بلا بينة ولا برهان بل الوجدان على خلافه (نعم) قد يرتبون آثار وجود المتيقن حتى مع زوال اليقين ولكن ليس مستندا إلى هذه القاعدة بل إلى قاعدة معتبرة أخرى (وأما الدليل) على اعتبار قاعدة المقتضى والمانع (أما أخبار) الباب أي: أخبار التي استدل بها على حجية الاستصحاب - فأجبني عن تلك القاعدة لان في مورد القاعدة لا يصدق نقض اليقين بالشك فيما لم يرتب آثار المتيقن أعني: المقتضى باحتمال وجود المانع، لان اليقين تعلق بشي والشك بشي آخر (وأما بناء العقلا) الذي هو العمدة في استدلالهم على اعتبار هذه القاعدة، بمعنى