فلا بد من الوقوف على قدر المتيقن من موارده وأما إن كان مدركه شمول إطلاقات الحل لحال عدم الفحص كما هو الظاهر بل المتيقن فلا بد من التماس دليل معتبر لتقييد الاطلاقات وتقييدها بهذه الوجوه الاستحسانية مع أن بعضها غير تام في حد نفسها مشكل جدا.
(الامر الثالث) ذكر الفاضل التوني (قده) لجريان البراءة شرطين أخريين (أحدهما) أن لا يكون مستلزما لثبوت حكم إلزامي على المكلف (ثانيهما) أن لا يكون موجبا لضرر على الغير (أقول) أما الشرط الأول فمجمل القول فيه أن الحكم الإلزامي المترتب على البراءة (تارة) مترتب على عدم تنجز حكم وجوبي كما في باب تزاحم الحكمين كوجوب الصلاة المترتب على عدم تنجز وجوب الإزالة لا على عدم وجوبها واقعا و ذلك من جهة أن المزاحمة تحصل على تقدير تنجز وجوب الإزالة و إلا فصرف وجوده مع عدم تنجزه ليس مزاحما لوجوب الصلاة لان التزاحم يقع في مرحلة الامتثال لأنه لا يقدر على امتثالهما جميعا وإلا فصرف وجودهما واقعا مع عدم تنجزهما أو مع عدم تنجز أحدهما فلا يوجب التزاحم فإذا ارتفع التنجز بالبرأة فقهرا يسقط التزاحم و يكون وجوب الاخر بلا مزاحمة فلو كان الأهم كالازالة مجرى للبرأة يكون وجوب المهم أي الصلاة في سعة الوقت بلا مزاحم فان كان مراد الفاضل مثل هذا المورد فلا يمكن إنكاره والقول بعدم جريان البراءة (وأخرى) مترتب على عدمه واقعا لا على عدم تنجزه كوجوب الحج المترتب على عدم وجوب أداء الدين واقعا لا عدم تنجزه ففي مثل ذلك لا يثبت وجوب الحج لان البراءة ترفع الوجوب ظاهرا ولا تثبت عدم الوجوب واقعا نعم لو كان عدم الدين مفاد الاستصحاب يثبت موضوع وجوب الحج لأنه أصل تنزيلي يكون في ذلك مثل الامارة فان كان مراده مثل هذا المورد فكلامه حق