المقدمة يقيد موضوعات الخطابات الأولية بصورة قيام الحجة على أحكامها وموضوعاتها، غاية الامر تقييد الموضوعات الأولية بقيام الحجة على الموضوعات أمر ممكن بالتقييد اللحاظي، وأما تقييد الاحكام بقيام الحجة عليها فلا يمكن، الا بنتيجة التقييد كما بيناه مفصلا، فحاصل أدلة الخطابات الأولية - بضميمة هذه المقدمة العقلية - يكون عبارة عن أن الخمر - الذي قامت الحجة على أنه خمر - حرام لا كل ما هو خمر واقعا ووجوب الشئ الفلاني أو حرمة ذلك الشئ الاخر الذي قامت الحجة على وجوبه أو حرمته مجعول لا الوجوب و الحرمة المطلقين ولو لم يكن حجة في البين.
والحاصل أن مفاد الأدلة بعد ما عرفت من البيان، هو أن ما قام الحجة على حرمته أو وجوبه حرام أو واجب لا مطلقا.
ثم أنه حيث لا يمكن للقاطع - بل كل من قام عنده الحجة سواء كان علما أو علميا - تشخيص الحجة المصادفة للواقع عن غيرها، فتخصيص الموضوع بخصوص الحجة المصادفة للواقع إحالة إلى أمر غير مقدور وما هو خارج عن تحت قدرة المكلف واختياره فلا بد وأن يكون الموضوع للتكاليف الأولية الواقعية مطلق ما قامت الحجة على حرمته أو وجوبه سواء كانت الحجة مطابقة للواقع أم لا وهو المطلوب (ولكن أنت خبير) بان هذا الكلام مغالطة واضحة لا ينبغي الالتفات إلى أمثال هذه الكلمات لولا ان ذكره شيخنا الأستاذ (ره).
والجواب عنها أن التكاليف الواقعية، ليست جزافا بل تابعة لوجود المصالح والمفاسد في متعلقاتها فان كان للعلم دخل في مصلحة المتعلق يؤخذ في الموضوع تماما أو جزا صفة أو طريقا، وهذا خارج عن مفروض كلامنا ولو لم يكن كذلك بل كان المتعلق فيه المصلحة أو المفسدة بدون أن يكون لقيام الحجة دخل فيهما، فلا يعقل تعلق الإرادة أو الكراهة بالمقيد