منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ٢ - الصفحة ٣٢
الاعتبار مسألة أصولية وأيضا لا ينبغي الشك في أنه مع إمكان البحث عن المسألة من جهة كونها من نفس الفن لا وجه للبحث عنها من جهة أخرى أجنبية عن الفن (فينبغي التكلم) فيها من هذه الجهة الأخيرة وان وقع ذكر لها من سائر الجهات يكون بالتبع والعرض.
فنقول التكلم من هذه الجهة قد يكون باعتبار شمول الخطابات الأولية لمورد التجري أيضا، وقد يكون باعتبار حدوث خطاب آخر من ناحية طرو عنوان التجري إما على نفس عنوان التجري وإما على الفعل المتجري به (وبعبارة أخرى) يكون قيام الحجة غير المصادقة للواقع واسطة في العروض وجهة تقييدية أو واسطة في الثبوت وجهة تعليلية لذلك الخطاب الحادث.
فالأول لب الكلام فيه يرجع إلى أن الخطابات الأولية المتعلقة بأفعال المكلفين كما في الأحكام التكليفية أو المتعلقة بالموضوعات كما في الأحكام الوضعية ولو كانت بحسب ظاهر الأدلة متعلقة بنفس موضوعاتها الواقعية سواء قام عليها حجة أو لا فضلا من أن تكون الحجة مصادفة أو غير مصادفة ولكن لما كان الغرض من الأمر والنهي هو الانبعاث إلى المأمور به والانزجار عن المنهي عنه ففي الحقيقة ليس الامر إلا عبارة عن طلب اختيار المكلف وانبعاثه نحو فعل الشئ، كما أن النهي ليس إلا طلب اختيار المكلف ترك الشئ و انزجاره عن فعله، ولا شك في أنه لا يعقل اختيار فعل الشئ بعنوان انبعاثه عن الامر أو اختيار تركه بعنوان انزجاره عنه بواسطة النهي بدون قيام الحجة من علم أو علمي سواء كانت تلك الحجة مصادفة للواقع أم لا فإذا كان الامر كذلك، فلا بد وأن نقول بأن الأمر والنهي وان كانا بحسب ظاهر الأدلة متعلقة بنفس الواقع مطلقا ولا دخل للعلم في موضوعاتها أصلا ولكن حيث إنه بدون قيام الحجة وجود التكليف لا أثر له ولغو فلا بد أن نقيدها بصورة قيام الحجة فبضميمة، هذه
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»