(قلنا) ان الجعل الثاني يكون تأكيدا إذا كان موضوعه عين الموضوع الأول فيتأكد الحكم (وبعبارة أخرى) إذا كانت مرتبة من عرض قابلة للتأكد والاشتداد في موضوع، ثم جأت مرتبة أخرى من ذلك العرض وتعلقت بعين ما تعلق به الأولى فقهرا يشتد ذلك العرض و يتأكد وذلك كالكيفيات المحسوسة التي تحصل في موضوعاتها تدريجا مرتبة بعد مرتبة وتسمى بالحركة في الكيف كالحلاوة التي توجد في التمر والعنب وتشتد تدريجا وأما لو لم يكن موضوع المرتبتين واحدا - كما في ما نحن فيه - فلا وجه للتأكد والاشتداد، مضافا إلى أن الأحكام الشرعية ليست من سنخ الكيفيات والاعراض الخارجية القابلة للاشتداد بل إن هي إلا اعتباريات وتشريعيات شرعت لأجل تحريك العبد نحو الفعل أو الترك فلا معنى للتأكد و الاشتداد فيها، وأما القول بأن الاشتداد والتأكد في منشأ اعتبار هذه الأمور أي الإرادات والكراهات فخروج عن البحث ومحل الكلام (و مما ذكرنا) ظهر ان في الأربعة أقسام الاخر أيضا لا يلزم اجتماع المثلين ولا تأكد في البين ولا يلزم محذور اللغوية أيضا لأن المفروض ان الظن المأخوذ في الموضوع هو الظن غير المعتبر سواء كان تمام الموضوع أو بعضه على وجه الصفتية أو الطريقية والظن غير المعتبر لا محرزية ولا طريقية فيه كي ينبعث المكلف عنه حتى يكون الجعل الثاني لغوا وبلا فائدة.
فتلخص مما ذكرنا أن عشرين قسما من هذه الأقسام الاثنين والثلاثين من الظن الموضوعي غير ممكن ومحال واثني عشر قسما منها ممكن لكن ليس كلها واقع في الشريعة بل ما هو واقع منها ليس إلا القليل جدا.
(الامر الرابع) في التجري والتجري بحسب اللغة أعم من العصيان كما أن الانقياد أعم من الإطاعة، ولكن حسب الاصطلاح الأصولي التجري مباين للعصيان كما أن الانقياد عندهم مباين للإطاعة لان مخالفة الحجة غير