بوجوب الاجتناب عن ذلك الحرام الواقعي وحكم آخر بجواز ارتكابه من حيث كونه حلالا ظاهرا كي يلزم التناقض بين حكمي العقل بلزوم الاجتناب وعدم لزومه كما أنه يلزم في المقام أي في مورد العلم الاجمالي ذلك، مثلا إذا علم بحرمة شرب أحد الكأسين باعتقاد أن أحدهما خمر فيحكم العقل بلزوم الاجتناب عن ذلك الحرام الواقعي لتنجزه بالعلم فإذا أجريت البراءة أو أصالة الإباحة أو الحل أو استصحاب العدم في جميع الأطراف فبمقتضى هذه الأحكام الظاهرية أيضا للعقل حكم بجواز ارتكاب جميع الأطراف ولا يلزم الاجتناب عن الحرام المعلوم في البين، وهذا تناقض بين الحكمين من قبل العقل (وإن شئت قلت) يقع التناقض بين حكم العقل بلزوم الاجتناب عن جميع الأطراف - مقدمة للاجتناب عن الحرام المنجز الموجود في البين - وبين الترخيص في جميع الأطراف، وقد عرفت مما ذكرنا أن قياس المقام بالشبهات البدوية لا يصح لعدم البيان وعدم التنجز هناك بخلاف المقام فإنه مستلزم للتناقض ولا يرتفع إلا بالالتزام بأحد الامرين اما رفع اليد عن الحكم الواقعي وهو خلاف الفرض واما بعدم منجزية علم الاجمالي وهو واضح البطلان (هذا كله) إذا كان إجراء الأصول المنافية للعلم الاجمالي مستلزما للمخالفة العملية القطعية (وأما) لو لم يستلزم ذلك أي المخالفة العملية كما لو علم بطهارة أحد الانأين الذين كانا نجسين بسبب وقوع أحدهما غير المعين تحت المطر مثلا فاستصحاب النجاسة في كليهما لا يوجب مخالفة عملية لما هو معلوم طهارته إجمالا فلا يكون تناقضا بين حكم العقل بلزوم الاجتناب عن كلا الانأين بواسطة الاستصحابين مع ما هو مقتضى العلم الاجمالي لان مقتضاه أيضا كذلك فلا مانع من جريان أصول المخالفة للعلم الاجمالي (إذا كانت) من الأصول غير التنزيلية لان المانع لم يكن إلا المناقضة مع حكم العقل والترخيص في
(٢٤٤)