الخطاب وغير مذكور في الخطاب (وبعبارة أخرى) لو كان مفاد الخطاب ومضمونه شخص الحكم وفردا من أفراده لكانت طبيعة الحكم أو سائر الافراد غير مذكورة في القضية فلا بد وأن يكون المعلق والمجعول أعني مضمون الخطاب المعلق هو سنخ الحكم حتى يكون انتفاؤه بانتفاء علته المنحصرة مدلولا التزاميا للفظ والمنطوق.
(الثاني) - أن المفهوم هو القضية المخالفة في الايجاب والسلب مع القضية المذكورة في المنطوق مع اتحادهما موضوعا ومحمولا (وبعبارة أخرى) المفهوم رفع الحكم المذكور في المنطوق عن موضوعه بواسطة انتفاء أحد قيوده أو جميعها، فلو كانت للموضوع قيود متعددة و كان الحكم المذكور معلقا على جميعها فبانتفاء كل واحد منها ينتفي ذلك الحكم. وعلى هذا ربما يتوهم أن مفهوم قوله عليه السلام -:
(إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شئ) تنجس الماء بشئ ما عند ارتفاع الكرية، وذلك من جهة أن لسلب الكلي الذي هو الحكم المذكور في المنطوق يرتفع بالايجاب الجزئي، ولذلك يقول المنطقيون أن نقيض السالبة الكلية هي الموجبة الجزئية، لان نقيض كل شئ رفعه.
والسالبة الكلية ترتفع بالموجبة الجزئية، فمفهوم هذه الرواية لا يدل على تنجس الماء القليل بكل واحد من النجاسات، فضلا عن دلالته على تنجسه بالمتنجسات، لان مفاد مفهومها - كما ذكرنا - هو ارتفاع العاصمية بارتفاع الكرية وأما ان جميع النجاسات بل المتنجسات تؤثر في انفعاله ونجاسته إذا لاقى أحدها فلا.
ويمكن أن يقال (أولا) - أنه فرق بين نظر المنطقي في باب الأقيسة و القضايا التي يتألف القياس البرهاني منها، ونظر الفقيه في باب الحجج الشرعية على ثبوت الاحكام، فان ظواهر الألفاظ حجة عند الفقيه إذا كان ذلك الكلام حجة بحسب الصدور وبحسب جهة الصدور، ولو لم يكن موجبا لليقين بالمراد بخلافه عند المنطقي ولا شك في أن أهل العرف والمحاورة يفهمون من هذا الكلام أنه كما أن الماء إذا كان كرا فلا يؤثر أي واحد من النجاسات والمتنجسات في نجاسته، فإذا ارتفعت الكرية كل واحد منها يؤثر في نجاسته عند الملاقاة. و (ثانيا) - أن المنطوق قضية حقيقية تنحل