لم يكن كذلك بل كانت إناطة جعلية فحينئذ يقال بأنه لو كان الحكم الذي في طرف الجزاء منوطا بشئ آخر استقلالا في نظر الشارع كان عليه أن يعقب الشرط بذلك الاخر مقرونا بكلمة أو، كما أنه لو كان منوطا به وبالشرط جميعا كان عليه أن يعقب الشرط بذلك الاخر مع كلمة واو العاطفة، وحيث لم يفعل شيئا من هذين - مع أنه في مقام البيان - نستكشف من إطلاق الجزاء وعدم إناطته بشئ آخر غير الشرط عدم مدخلية غيره وهو الانحصار. (وبعبارة أخرى) حكم الشارع - معلقا على شئ ومنوطا به مع أنه في مقام بيان جميع ماله دخل في حكمه من دون تقييد ذلك الحكم وإناطته بشئ آخر - دليل على عدم مدخلية شئ آخر، والا كان عليه البيان و إنكار كونه بصدد البيان من جميع الجهات مساوق مع سد باب التمسك بالاطلاقات مطلقا، لان هذا الاحتمال يمكن إبداؤه في جميع موارد التمسك بالاطلاقات.
ثم إن أستاذنا المحقق (قده) سلك مسلكا آخر لاثبات المفهوم و حاصله أن كل عنوان أخذ موضوعا للحكم مع ما كان من شؤونه و قيوده وحالاته وأطواره، فظاهر الكلام يقتضي أن يكون له دخل بخصوصه في الحكم، ويكون هو تمام الموضوع للحكم لا هو مع شئ آخر غيره أو هناك موضوع آخر غيره أيضا لهذا الحكم. وهذا هو معنى الانحصار، فظهور كل قضية في أن الموضوع المذكور فيها المأخوذ في طي الخطاب هو تمام الموضوع لمضمون الخطاب مما لا يمكن أن ينكر ومع ذلك وقع النزاع بينهم في أن القضية الفلانية هل لها مفهوم أو ليس لها ذلك، ومن جملتها القضية الشرطية فليس المناط في وجود المفهوم وثبوته هو ظهور القضية في كون المقدم علة منحصرة للتالي كما قيل لان هذا المعنى ثابت حتى في اللقب بل في جميع القضايا كما ذكرنا فالسر في ثبوت المفهوم بعد ظهور جميع القضايا في أن ما أخذ في طي الخطاب تمام الموضوع وعلة منحصرة للحكم يكون شيئا آخر وهو ان المنشأ في طرف المحكوم هل هو سنخ الحكم حتى تنتفي طبيعة وجوب إكرام زيد مثلا بانتفاء مجيئه و يكون هو المفهوم لقضية ان جاءك زيد فأكرمه أو شخصه حتى لا يدل على انتفاء