منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٣٥٤
لو كان فيهما الملاك وكانا متساويين من هذه الجهة. وأما لو كان ملاك أحدهما أهم، فلا بد وأن يجعل الحكم على طبق الملاك الأهم و إلا لو جعل على طبق الملاك غير الأهم يلزم ترجيح المرجوح على الراجح، ولو جعل التخيير تلزم التسوية بين الراجح والمرجوح ولو لم يجعل حكم أصلا لزم تفويت كلا الملاكين. ومعلوم أن هذه الثلاثة كلها قبيحة عقلا فيتعين الأول أي الجعل على طبق الملاك الأهم، فلو كان مفاد كل واحد من ذينك الدليلين الذين بين متعلقيهما تضاد بمعنى عدم إمكان اجتماعهما في عالم الوجود دائما وجوب متعلقهما مطلقا، فلا محالة يكون مثل هذين الدليلين متعارضين، لعدم إمكان جعل مفادهما للزوم اللغوية فيكون مثل هذا الجعل - الذي لا يمكن دائما الا امتثال أحدهما - قبيحا على الحكيم بل كما ذكرنا لو كان الملاك في كليهما وكان فيهما متساويين، فلا بد وأن يجعل التخيير وإلا لو كان أحدهما أهم فلا بد وأن يجعل على طبق ذاك الأهم.
(إذا عرفت ذلك) فنقول: إنه لا شك في أن التضاد بين الجهر و الاخفات في القراءة دائمي، فإذا دل دليل على وجوب الجهر في القراءة مطلقا ودل دليل آخر على وجوب الاخفات فيها فيكونان متعارضين، فلو أحرزنا فيهما الملاك وكان متساويا فيهما فلا بد من جعل التخيير بينهما، وإن كان أحدهما أهم فلا بد من الجعل على طبق الأهم فيكون من باب تزاحم الملاكين لا تزاحم الحكمين والترتب لا يجري إلا في مورد تزاحم الحكمين (وبعبارة أخرى) في مورد تزاحم الحكمين أي بعد الفراغ عن جعلهما وعدم لزوم محذور من قبل جعلهما من اللغوية وغيرها فان كانا متساويين من ناحية الملاك فيقيد إطلاق كل واحد منهما بعدم الاخر، فينتج نتيجة التخيير وإن كان أحدهما أهم فيقيد إطلاق المهم بعدم الاتيان بالأهم. وأما فيما نحن فيه فلا يمكن جعل حكمين للزوم اللغوية، فليس موردا للخطاب الترتبي أصلا.
(إن قلت) أي مانع من أن يكون خطاب وجوب الجهر مثلا في الصلوات الجهرية مطلقا، لكون مصلحة الجهر في نظر الشارع أهم و هكذا خطاب وجوب الاخفات في الصلوات الاخفاتية ويكون خطاب وجوب الاخفات في الصلوات الجهرية
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»