الحكمين ولا معنى لسقوط الخطابين بعد وجود الملاك التام في كل واحد من المتعلقين بل لا بد من تقيد الخطاب بمقدار العجز إذ الضرورات تتقدر بقدرها وهذا بخلاف ما نحن فيه وذلك لعدم وجود ملاك تام في كل واحد من الطرفين أو الأطراف، لابتلاء كل واحد منها بالمزاحم وإلا كان كل واحد منها واجبا تعيينا لا تخييرا لوجود القدرة وإمكان الجمع مع وجود الملاك التام وقد ذكرنا أن فعلية الخطاب منوطة بهذين الامرين و (فيه) ما ذكرنا من أن اشتراط الخطاب هاهنا ليس من جهة عدم القدرة ولا من جهة قصور في الملاك، بل التقييد والاشتراط من جهة وفاء كل واحد من الملاكات بالغرض وعدم لزوم الجمع بينها مع إمكانه بل مع رجحانه في بعض الأحيان ولذلك يستحب الجمع في بعض الموارد وأما احتمال كون كل واحد من الملاكات وافيا بالغرض مضرا بكونه ملاكا تاما، فمما لا يصغى إليه أصلا.
ثم إن لازم هذا الوجه هو أنه لو جمع بين الأطراف في الوجود دفعة لما أتى بما هو مصداق الواجب، إذ الواجب هو كل واحد منها في ظرف عدم الاخر، وهاهنا ليس كذلك. وأما لو أوجدهما تدريجا ومترتبا فالأول مصداق للواجب دون ما هو بعده لوجود الشرط في الأول دون الباقي وهذا أمر ليس فيه كثير إشكال، غاية الامر أنه - في الفرض الأول - وإن أتى بما ليس مصداقا للواجب لكن أتى بما هو محصل للغرض، ومع حصوله يسقط الامر والوجوب لا محالة وذلك لزوال المعلول بزوال العلة.
(الرابع) - إرجاع التخيير الشرعي إلى التخيير العقلي بأن يقال: إن غرض الامر من وجوب الطرفين أو الأطراف شئ واحد وذلك الغرض الواحد يحصل بفعل كل واحد من هذه الأطراف، فلا بد وأن يكون بين هذه الأطراف جامع يكون بذلك الجامع مؤثرا في هذا الغرض الواحد، و إلا يلزم صدور الواحد عن المتعدد وهو في الاستحالة كصدور المتعدد عن الواحد وإذا كان جامع في البين ففي الحقيقة متعلق التكليف والإرادة ذلك الجامع والعقل يخير المكلف بين إيجاد ذلك الجامع في ضمن أي خصوصية