لا الصورة الذهنية فإذا حكم الشارع بنجاسة الدم مثلا فالموضوع هو الدم الخارجي لا الصورة الذهنية من الدم لان اعتبار النجاسة فيها لغو (إن قلت) إن الصورة الذهنية موضوعة بما هي حاكية عن الخارج و مرآة له لا بما هي موجودة في الذهن (قلنا) هذا عين ما ذكرنا من أن الموضوع في الحقيقة هو هذا الشئ بوجوده الخارجي ولكن في مقام الجعل والانشاء حيث أنه لا يمكن إنشاء الحكم على نفس الموضوع الخارجي بلا توسيط الصورة الذهنية فتؤخذ تلك الصورة بما هي مرآة للخارج فيحكم على الخارج بتوسيط الصورة الذهنية.
وبعد ما تحقق أن الموضوع بكلا معنييه أي بمعنى المكلف وشرائطه ككونه حرا بالغا عاقلا مستطيعا مثلا وبمعنى متعلق المتعلق كالعلماء والسادات في قوله:
(أكرم العلماء والسادات) مثلا لا بد وأن يكون موجودا في الخارج حتى يتحقق الحكم ويصير فعليا تعرف أن حقيقة الواجب المشروط بالمعنى المعروف عند المشهور هو أن يكون الوجوب منوطا بوجود قيد في جانب الموضوع سواء كان بصورة الجملة الشرطية أو كان بصورة الجملة الوصفية إذ ما لم يوجد الموضوع بجميع قيوده لا يوجد الحكم، لما بينا أن الحكم تابع لوجود الموضوع بحسب الفعلية و التحقق، ولذلك قالوا إن إطلاق الواجب على الواجب المشروط قبل حصول شرطه مجاز ولا فرق في ذلك بين أن يقول: المستطيع يجب عليه الحج أو إن استطعت فحج.
وقد عرفت مما ذكرنا أيضا أن قياس الانشاء في التشريعيات على الايجاد في التكوينيات باطل لان الايجاد في التكوينيات يلازم الوجود بل هو عينه والفرق اعتباري ففرض أنه أوجد شيئا ولكن ما وجد ذلك الشئ خلف فتأخر الوجود عن الايجاد محال في الجعل التكويني، وأما الجعل التشريعي فليس إلا اعتبار شئ في مورد و على موضوع والاعتبار ليس إيجاد شئ واقعي له ما بحذاء في الخارج حتى يكون لازم التحقق حال الاعتبار بل كما يمكن اعتبار شئ يكون متحققا حال الاعتبار كذلك يمكن اعتبار شئ متأخر عن زمان الاعتبار، والحاصل أن تحقق الامر