(الثالث) - أن النهي في العنوان لا يشمل النهي التنزيهي، لان النهي التنزيهي المتعلق بالمعاملة لا ينافي إمضاءها حتى لو تعلق بالمعنى الاسم المصدري للمعاملة لان وجود حزازة في الشئ والنهي عنه لتلك الجهة مع اشتمال مثل ذلك النهي على الترخيص أيضا لا يمنع عن إمضائه لوجود مصلحة نوعية أو شخصية فيه. وهذا بخلاف النهي التحريمي إذا تعلق بالمعنى الاسم المصدري، فان مبغوضية نتيجة المعاملة وما هو من قبيل اسم المصدر للمعاملة والمنع عن إيقاعه بغير ترخيص ينافي إمضاءه.
وأما النهي التنزيهي المتعلق بالعبادة حيث لا يمنع عن إيجادها بل هو بنفسه متضمن للرخصة في الايجاد، فلا يقيد إطلاق الامر أو عمومه، وأما النهي الغيري فقد قال شيخنا الأستاذ (قدس سره) بخروجه عن حريم النزاع أيضا، مثل النهي عن الضد بناء على اقتضاء الامر بالشئ للنهي عن ضده الخاص من باب مقدمية ترك الضد لوجود الضد الاخر، وبناء على وجوب المقدمة. وأفاد في وجهه أن مثل هذا النهي لا يضر بوجود الملاك في المنهي عنه ولا يكشف عن عدمه، فلا يدل على فساد العبادة بل تقع العبادة صحيحة بواسطة الملاك، ولكن قد تقدم منا الكلام في هذا المقام في مبحث الضد أن تصحيح العبادة - مع وجود النهي الفعلي المولوي ولو كان غيريا مقدميا - لا يخلو عن إشكال.
(الرابع) - أن المراد بالعبادة في العنوان هي العبادة بالمعنى الأخص، وهي التي لا يسقط أمرها ولا يحصل الغرض منها إلا بإتيانها بقصد القربة وذلك من جهة أن النهي المتعلق بالعبادة بالمعنى الأعم لا يدل على الفساد يقينا، فان غسل الثوب النجس لان يصلي فيه بالماء المغصوب مثلا منهي عنه، وهذا النهي لا يدل على فساد الغسل قطعا. وأما المعاملة فلها ثلاثة استعمالات (أحدها) الأخص والأضيق، والمراد به العقود المعاوضية بل مطلق المعاوضات والمبادلات كما هو المتبادر من هذه اللفظة عند العرف (ثانيها) - المعنى المتوسط بين هذا المعنى والمعنى الثالث الأخير، والمراد به مطلق أبواب العقود و الايقاعات، وهذا المعنى والمعنى الثالث اصطلاح فقهي (ثالثها) -