بالقدرة الشرعية وعدم فعليته متوقف على فعلية ما ليس بمشروط بالقدرة الشرعية ففعلية خطابه متوقفة على فعليته، وهذا دور واضح (لأنا نقول) إطلاق ملاكه يكفي لصرف القدرة إليه وتعجيز المكلف بالنسبة إلى المشروط بالقدرة الشرعية فيذهب موضوعه (و بعبارة أخرى) فعلية خطابه ليست متوقفة على عدم فعلية المشروط بالقدرة الشرعية، بل فعلية خطابه بواسطة فعلية ملاكه وعدم المانع الذي هو عبارة عن العجز عن الامتثال لأنه قادر على الامتثال تكوينا و عقلا.
و (أما الثاني) أي فيما إذا كان كلاهما مشروطين بالقدرة الشرعية فمقتضى القاعدة هو التخيير الا أن يكون هناك مرجح آخر في البين كما هو كذلك في الفرع المعروف أعني ما لو نذر أن يبيت كل ليلة عرفة في كربلا ويزور الحسين عليه السلام واتفق أنه صار مستطيعا في هذه الأثناء، فيزاحم كل واحد من الواجبين أي الحج و الوفاء بالنذر الاخر وحيث أن كل واحد منهما مشروط بالقدرة الشرعية كان مقتضى القاعدة هو التخيير أو تقديم ما هو أهم ملاكا كما قيل ولكن حيث أن وجوب الوفاء بالنذر مضافا إلى أنه مشروط بالقدرة الشرعية مشروط أيضا بأن لا يكون مفوتا لمصلحة دينية أو دنيوية، ولا يكون سببا لفوت واجب أو فعل حرام كما هو مفاد بعض الاخبار بل عقد في الوسائل بابا لهذا المعنى فلذلك يكون الحج مقدما عليه، وذلك من جهة أن الوفاء بالنذر يكون مفوتا لمصلحة الحج ووجوبه مشروط بأن لا يكون كذلك. (إن قلت): إن وجوب الوفاء بالنذر ليس مشروطا بالقدرة الشرعية كما هو مفاد قوله تعالى:
(ويوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا) (قلنا) ان النذر حقيقته عبارة عن إلزام شئ على نفسه لله والالتزام به. ولا شك في أن العاقل لا يلتزم بشئ غير مقدور له فلا بد وأن يلتزم بالشئ المقدور فالمنذور مقيد بكونه مقدورا وذلك باقتضاء نفس النذر كما قلنا بمثل هذا في البعث والامر، وأن المأمور مقيد بالقدرة من جهة نفس الطلب والبعث وباقتضاء ذاتيهما، ولكن الفرق بينهما ان التقييد في باب الطلب لا يمكن ان يكون من قبيل التقييد بالقدرة