مطلوبيتهما، إذ تحقق دخول المسجد ووجوده وامتثال أمره يذهب بموضوع الامر بالقراءة لان موضوعه العاصي للامر بدخول المسجد والتارك لامتثاله فلو امتثل ولم يعص لم يبقى موضوع للامر بقراءة القرآن فظهر من جميع ما ذكرنا أن الامرين المتعلقين بما لا يقدر المكلف على الجمع بينهما ان كانا مطلقين فلا محالة يكون طلبا للجمع بينهما لان كل واحد منهما مطلوب حتى في ظرف وجود الاخر و امتثال أمره فيكون طلبا لغير المقدور والمحال وصدور مثل هذا الطلب من الحكيم قبيح ومحال ولذلك لو تعلقا بما يمكن جمعهما يجب على المكلف جمعهما، وأما ان كان أحدهما مطلقا والاخر مشروطا بعصيان ذلك الامر المطلق ليس طلبا للجمع بل لو كان الجمع بين متعلقيهما مقدورا للمكلف ليس له أن يجمع بينهما بعنوان المطلوبية، بل لو فعل ذلك كان تشريعا محرما.
وظهر أيضا مما ذكرنا ان الموجب والمقتضي للجمع هو إطلاق مثل ذينك الخطابين لا فعليتهما وصرف وجودهما. نعم لو كان المقتضي للجمع فعلية الامرين لا إطلاقهما لكانت النتيجة سقوط خطاب المهم رأسا وامتناع الامر الترتبي إذ مبنى الترتب على سقوط إطلاق الامر بالمهم لا أصله. وهذا الكلام يجري بالنسبة إلى المتزاحمين المتساويين فإنه لو قلنا أن منشأ التزاحم فعلية الخطابين فلا بد وأن نقول بسقوط كلا الخطابين وحدوث خطاب تخييري جديد، ولا فرق حينئذ بين هذا الخطاب التخييري الجديد وسائر الخطابات التخييرية، الا أنها ابتدائية وهذا حادث جديد بواسطة التزاحم.
(وأما) لو قلنا بأن منشأه إطلاق الخطابين لا أصلهما فلا وجه حينئذ لسقوط أصل الخطابين بل لا بد من القول بسقوط إطلاقهما. وذلك من جهة تمامية الملاك في الطرفين المتزاحمين وليس المانع من تعلق أصل الطلب بالطرفين بل المانع وهو طلب غير المقدور في إطلاق الطلبين، فلا يسقط الا إطلاق الطلبين لان الضرورات تتقدر بقدرها. فالقول - بأن الذي يسقط في المتزاحمين المتساويين هو إطلاق الطلب لا أصله - مساوق مع القول بصحة الترتب، لأنه لو كان الامر في المتساويين