هذا كله بناء على مسلك جعل المؤدى في الأصول وقد عرفت أن هذا المسلك غير تام لما يترتب عليه من المفاسد ومن جملتها لزوم القول بنجاسة ملاقي مستصحب النجاسة حتى بعد انكشاف الخلاف لو فرض ملاقاته له قبل انكشاف الخلاف، وذلك من جهة أنه لاقى ما هو نجس حقيقة لان نجاسته بناء على جعل المؤدى مجعولة حقيقة و هكذا في سائر آثار النجاسة الواقعية، وأيضا سائر المؤديات للأصل والأمارات كالطهارة والملكية والزوجية وغيرها يجب ترتيب آثار الواقعيات منها عليها باعتبار زمان قبل انكشاف الخلاف حتى بعد انكشاف الخلاف ولا شك في فساد هذه التوالي غير القابلة للقبول فالصحيح أن حكومة أدلة الأصول مثل حكومة أدلة الامارات حكومة ظاهرية لا واقعية، وسيجئ إن شاء الله تعالى تفصيل ذلك في محله والمراد بها إجمالا أن التوسعة والتضييق الذين مفادها يكونان في عالم الاثبات فقط وما لم ينكشف الخلاف بمعنى أنه يحكم بوجود الطهارة في بدن المصلي أو لباسه مثلا ما دام الجهل موجودا فإذا ارتفع الجهل وانكشف الواقع يتبين انها كانت سرابا فلا تبقى طهارة في البين بل يستكشف أنها لم تكن من أول الامر لا أنها كانت و انعدمت فما كان شئ في البين حتى تترتب عليه آثاره، ولا فرق في ذلك بين الأصل التنزيلي وغيره أصلا، فتردد صاحب الكفاية (قده) في الأصل التنزيلي لا وجه له، لأنه بناء على مسلك جعل المؤدى قد عرفت أن الاجزاء في كليهما بمقتضى القاعدة وبناء على المختار أيضا لا فرق بينهما كما عرفت اللهم الا أن يقول بجعل المؤدى في غير التنزيلي ولا يقول به فيه.
الموضع الثاني في الانكشاف الظني أي ما قامت الحجة المعتبرة من أمارة أو أصل - بكلا قسميه - على خلاف الحجة السابقة، سواء كانت أمارة أو أصلا. وهذا كما في موارد تبدل الاجتهاد أو تبدل التقليد كما في موارد موت المقلد الذي يفتي بطهارة العصير العنبي مثلا والمقلد الثاني يقول بنجاسته أو المقلد الأول يقول بوجوب صلاة الجمعة تعيينا، والمقلد الثاني يفتي بوجوب صلاة الظهر. ويظهر من شيخنا الأستاذ (قده) الفرق بين تبدل الاجتهاد في الموضوعات وبين تبدله في الاحكام وأفاد بأن الأول خارج