تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٣٥٤
بتقريب إنه بعد الفحص نظفر بمقدار من الاحكام المنسوخة، ويمكن حينئذ انطباق المعلوم بالاجمال على ما ظفرنا به، ويكون الشك في الزائد عن ذلك المقدار شكا بدويا لا مانع من إجراء الاستصحاب فيه، ولا بد من تحرير محل البحث حتى يتضح الاحتياج إلى هذه الدعوى وعدمه، فنقول لا يخفى إن مورد النفي والاثبات في المقام هو أحكام إلزامية إثباتية التي يشك في بقائها لاحتمال النسخ، وأما غيرها من الاحكام العدمية كعدم الوجوب أو الحرمة أو الندب والكراهة، فلا نزاع في عدم ثبوت خلافها بمجرد ذاك الاحتمال، إذ لو فرض وجه لعدم جريان الاستصحاب، فلا أقل من البراءة بشئ من قسميها، وعلى هذا فلا فائدة عملية للنزاع في استصحابها وعدمه، وأما الاثباتية فلما كان مقتضى الاستصحاب فيها مخالفا للبرائة التي لا تجري لولاه، فيتصور وجه في الاهتمام بإجراء الاستصحاب ومنعه، ولا يخفى أيضا إن بعد العلم إجمالا بنسخ أحكام بخصوصها، إما أن يعلم إجمالا بتبدل وجوب إلى حرمة، أو بالعكس بواسطة النسخ المعلوم إجمالا أولا، فعلى الأول لا بد من التمسك بذيل دعوى الانحلال دفعا للاشكال، وأما على الثاني فالامر كذلك بناء على مذاق من لا يجري الأصل الاثباتي في طرف العلم الاجمالي مطلقا، ولو لم يستلزم المخالفة العملية، وأما على المختار من جواز إجرائه فيما لم يلزم منه مخالفة عملية، ولذا جوزنا استصحاب النجاسة لشيئين علم بنجاستهما معا ثم بطرو الطهارة على أحدهما إجمالا، فلا مانعية لهذا العلم بالنسخ في المقام، فيجوز استصحاب تلك الأحكام قبل الفحص وبعده، ولا حاجة إلى دعوى الانحلال، أو إن بعض أطراف العلم خارج عن محل الابتلاء ومورد الاحتياج على ما في الرسائل، وبالجملة إن أدلة الاستصحاب شاملة لمورد الكلام إذا تمت أركانه بالنسبة إلى أحكام شريعة سابقة ولم يكن إجرائه فيها مستلزما للمخالفة العملية، كما في صورة علم إجمالا بنسخ وجوب بالتحريم أو بالعكس، فحينئذ لا مانع من جريانه فيها كان في البين علم إجمالي بنسخ البعض أو لم يكن، انحل ذلك العلم بالظفر على مقدار يوافق المتيقن أو لم ينحل أبدا، إما لعدم المراجعة أو لعدم الظفر على ذلك القدر، ثم لا يخفى إن المقرر لبعض الدروس بين ضابطا مورد الانحلال وعدمه، فقال في مقام دفعه شبهة الأخباريين إن العلم الاجمالي إنما ينحل فيما إذا
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»