ومع ذلك لا يكون محركا إليه ثانيا لان التكاليف الضمنية متحركة إلى شئ لو انضمت إليه بقية الاجزاء لكان ساقطا، وكذا بالنسبة إلى الشروط المتأخرة كغسل المستحاضة في الليلة المقبلة بالنسبة إلى التكليف بالصوم في اليوم المتقدم عليها، فالتكليف بالصوم مع إتيان متعلقه لا يسقط إلا بإتيان الغسل بعده، فما لم يغتسل يكون وجوب الصوم فعليا لا فاعلية له، فسقوط التكليف عنها في علم الله كان مراعى بإتيان الغسل بعده، وأخرى يكون منوطا بالوجود الخارجي لا اللحاظي، ويكون اللحاظ طريقا محضا لا موضوعية له أصلا، فظرف الاتصاف والعروض كلاهما في المقام خارج الذهن، فقبل وجود الموضوع خارجا لا فعلية للحكم ولا فاعلية، فهذه تصورات ثلاثة، وفي خصوص الصورة الثالثة يمكن أن يقال إن الموضوع علة للحكم ويكون مثل القضايا الحقيقية، فبفعلية الموضوع يكون الحكم فعليا، وبفرضيته يكون فرضيا، وأما ما عداها من الصورتين المتقدمتين فلا تلائم الحقيقية، فإن الحكم على ما ظهر فعلي فيهما مطلقا، ولهذا صح أن يقال بأنه لا قصور في جريان الاستصحاب في الحكم في الصورة الأولى، سواء كان الموضوع بسيطا أو مركبا، وكذا في الشق الثاني، لان الحكم تعلق على فرض وجود ماء العنب المقيد بالغليان، فالحرمة في عالم العنبية كانت متيقنة، وعالم الزبيبية تصير مشكوكة، يعني بعد الغليان في حال الزبيبية يشك في إن الحرمة الفعلية القائمة بماء العنب إذا غلى باقية أم لا، فلا قصور في استصحابها أيضا، سواء كان الموضوع بسيطا أو مقيدا، وأما الشق الثالث فلا مجال لاستصحاب الحكم المعلق سواء كان الموضوع بسيطا أو مركبا أو مقيدا، لأنه لا فعلية ولا فاعلية للحكم قبل وجود الموضوع، فلو أريد إجراء الاستصحاب بالنسبة إلى نفس المعلق عليه فلا مصحح له، إذ لا وجود له قبل وجود المعلق عليه، وإن أريد إجرائه بالنسبة إلى التعلق فلا بأس به سواء كان المعلق عليه بسيطا أو مركبا، وكان التعليق من قبيل تقدير واحد أو تقدير في تقدير، وعلى كل فلا وجه للتفرقة بين ما إذا علق الحكم بوجود الموضوع أو به وبشئ آخر، هذا كله على مسلك جعلية التكليف، وقد ظهر إن التكليف إذا أنيط بوجود شئ في عالم اللحاظ يكون التكليف فعليا لا فاعليا، ولا محركية له، وإذا كان منوطا
(٣٤٢)