فتكون من الأمور الحقيقية الحاصلة من دون جعل وإنشاء، وينقلب من الاعتبارية إلى الحقيقية، فتحصل إن أنحاء الملكية مترتبة على كيفيات نظر جاعلها واختلاف جعلها، وعليه فللرجوع إلى استصحاب عدم جعل الملكية بالحيازة بحيث لا تزول بالاعراض مجال، فإذا شك في بقاء الملكية بعد ثبوتها فيكون استصحاب عدم الجعل حاكما على استصحاب الملكية، فظهر من هذا إن استصحاب عدم الجعل محكم في جميع موارد الشك في بقاء المجعول، ومعه لا يجوز الرجوع إلى استصحاب الملكية مثلا في صورة الاعراض بعد الحيازة، وهذا كما ترى مخالف لما ذهب إليه الأصحاب، فلا بد من بيان وجه وجيه في منعه، ويمكن الجواب عنه مجملا بأنه لما ثبت في الشرع، وكذا عند العرف أمور مزيلة للملكية وموجبة لتبديل طرف إضافتها إما اختيارا كالبيع وغيره من النواقل الاختيارية، أو قهرا كالموت ولا يعقل فعليته للمزال عند وجود المزيل، وإلا يلزم أن لا يزال ولا يكون ما اعتبر مزيلا أن يكون مزيلا، فلابد من الكشف عن إن الملكية ليست بحيث تبقى حتى مع تحقق النواقل، والحل إن المجعول في الشرع ومورد إمضائه من التمليكات التي لا يكون الجاعل مقصور النظر على جعلها إلى غاية خاصة، ولا مهملا من هذه الجهة الملكية الفعلية الأبدية لولا المزيل، وعلى هذا فلا يبقى مجال لاستصحاب عدم الجعل أيضا بالتقريب المتقدم، نعم لو كان التمليك الموقت في الأعيان نافذا كما في المنافع، لتطرق الاحتمال في مورد عدم الاطلاع على كيفية نظر الجاعل، ولجاز استصحاب عدم الجعل، لكن الخطب هين مع التسالم على عدم جوازه، فالظاهر إن استصحاب الملكية بعد الاعراض خال عن المعارض وما يسقطه عن الاعتبار حكومة عليه أو ورودا، ثم لا يخفى إن مراد صاحب الكفاية من إنها تبقى بذاتها بعد الجعل والحدوث، ما ذكرناه من إنها لما كانت تابعة للجعل ونظر الجاعل، وكان نظره في غير الوقف على البطون عند تمليك الأعيان على جعل الملكية أبدية لولا المزيل، فكانت بذاتها باقية بعد الانشاء الكذائي، ومعه لا تحتاج إلى منشأ اعتبار جديد، ولما خفى الامر على بعض فتوهم إن صاحب الكفاية قائل بكون الملكية كإضافة الأمور الخارجية مستندة إلى العلة حدوثا لا بقاء، أورد وأغرب
(٣٣١)