الآية المباركة في صحة الاجتزاء بالوضوء فقط، فما هو المانع عن الصلاة على هذا الوجه ليس عنوان النوم المقيد بعدم الجنابة، حتى يقال بأنه يستفاد من مجموع الآية صدرا وذيلا إنكم إذا قمتم عن النوم ولم تكونوا جنبا فتوضؤا، وفي المثال يحرز جزء الموضوع بالوجدان، وجزئه الاخر بالأصل، يعني إذا انحصر السبب في النوم فلا يجب إلا الوضوء، بل نفس النوم ليس موضوعا للحكم وإنما هو محقق لشئ هو الموضوع للأثر، وقد علم ثبوته بالنوم ثم يشك في ارتفاعه بواسطة احتمال الاحتلام، فلا يرفع هذا الجامع بالأصل في عدم تحقق الجنابة المستلزم لانحصار سبب الحدث في النوم، لاثبات إن الجامع كان محققا في الأصغر والأن كما كان، إلا أن يقال بالأصل المثبت، فتحصل إنه يجري استصحاب الجامع وهو كلي الحدث على هذا المسلك، ولا مجال لكلام المقرر حيث قال ولو بنينا على جريان الاستصحاب الكلي في القسم الثالث، أمكن الاكتفاء بالوضوء، ونقول بعد الاحتياج إلى الغسل تمسكا بالآية الشريفة، (وخلاصة الكلام) إن على مختار المقرر حيث جعل المانع نفس النوم والشرط نفس الوضوء لا الحدث والطهارة، فلا مجال للاستصحاب لا إنه مع إمكانه يمكن الاكتفاء بالوضوء، لان النوم والوضوء مما لا يعقل لهما البقاء حتى يشك فيه فيستصحب، وأما على مختارنا حيث جعلنا المانع الحدث والشرط الطهارة، والنوم والوضوء من محققاتهما، فلا يعقل إثبات رفع هذا الجامع أي الحدث بإثبات الانحصار بأمر تعبدي وهو الأصل يعني إثبات انحصار الحدث بالنوم، والاكتفاء في رفعه بالوضوء، وبتقريب آخر إن موضوع وجوب الوضوء أمر مركب من النوم وعدم الجنابة، فيحرز أحد جزئي المركب بالوجدان وهو النوم والاخر بالأصل وهو عدم الجنابة إلا على القول المثبت، فإن لازم انحصار الموجب في النوم ارتفاع الجامع بالوضوء فقط من دون احتياج إلى الغسل، فالحق في المقام هو التفصيل بين التصويرات، فعلى تصوير كون الأصغر محفوظا بذاته وبحده عند طرو الأكبر فلا مجال لاستصحاب الكلي عند الشك في حدوث الأكبر بعد العلم بالأصغر وبحصول رافعه حينئذ، فيكتفي بالأصغر لأنه من القسم الأول للقسم الثالث، فلا وجه للقضية المشكوكة مع المتيقنة، لان اليقين تعلق بتحقق فرد من الحدث قد ارتفع يقينا ببركة الوضوء،
(٢٩٩)