الأصل، أما لاختلاف الركن أو لوجود الحاكم، فلا ينبغي الركون عليه، فلا بد من الرجوع إلى أصل آخر، أما المقدمتان (فأحديهما) إن الظاهر من بعض الاخبار كون كل من الغسل والوضوء موجبا ومحصلا للنقاوة والطهارة، وإن الأول أنقى من الثاني، فإذا حصل الغسل فلا احتياج معه إلى الوضوء مع تحقق موجبه قبل موجب الغسل، فالطهارة الحاصلة بأحدهما وهي نورانية تحدث للنفس تكون أحدهما أصغر من الأخرى، فلنا طهارتان كبرى وصغرى لكنهما من البسائط، فإن معروضهما النفس وهي من المجردات، وما يقابلهما وهو الحدث لا بد أن يكون بسيطا أيضا بهذا الملاك، (ثانيهما) إنه يستفاد من مثل قوله عليه السلام: (الوضوء على الوضوء نور على نور)، بقرينة المقابلة إن الحدث أيضا ظلمة، وتختلف مراتبها شدة وضعفا، فما لا يرتفع إلا بالغسل الموجب للطهارة الكبرى فهو الشديد، وما يرتفع بالوضوء حدث ضعيف إذا (تمهد) هذا فيعلم إن الأصغر لا يجتمع مع الأكبر فلو كان سابقا عليه ثم طرء موجب الأكبر، فيندك فيه وينقلب بحده، وقد تقدم إنه إذا شك في حصول موجب الأكبر مع تحقق الأصغر، ثم حصل وضوء وشك في بقاء الحدث، فيكون الشك فيه من الشك في الكلي المعدود من ثالث القسم الثالث، وقد تقدم جواز استصحابه، إلا إنه محكوم بالأصل السببي في المقام، فلا يوجد ما يوجب الغسل بعد الوضوء، ولعل مركوزية هذا القسم في الأذهان أوجبت الافتاء بالاكتفاء بالوضوء فقط في محل الكلام، التنبيه الرابع في إنه هل يجري الاستصحاب في الزمان والزماني من الأمور التدريجية المتصرمة جزء فجزء أم لا، نظرا إلى إنه لا يتصور شك في بقاء ما وجد كما يكون كذلك في غيرها من الأمور القارة، فإنه لا إشكال في جريانه فيها، ولا بد من التعرض لبيان ما تميز به الأمور القارة عن غيرها والفرق بينهما التعرض لما نحن فيه، فنقول إن القوم يقسمون الموجودات إلى الأمور القارة والغير القارة، ويعبرون عن أحدهما بالمتصرمة، وعن الاخر بالغير المتصرمة، وليعلم إن الأمور القارة، إما عبارة عن موجودات إذا تحققت وتلبست طبيعتها بالوجود، فلا يختلف نحو وجودها باختلاف الزمان
(٣٠٢)