وغيره مما لا دخل له في تشخصها عما كانت عليه ذاتا واحدا، فوجودها في ثاني الزمان عين وجودها في السابق عليه حدا وذاتا، والحصة المتحققة معها باقية ببقائها فكما إن تبدل المكان لا يوجب تبدلا فيها، فكذا تبدل الزمان وتغيره لا يوجب تغيرا في حدها، فهي موجودة في الزمان الثاني مثل ما كانت موجودة في الزمان الأول، فوجودها البقائي عين وجودها الحدوثي، كما هو شأن الافراد المتواطئة بالنسبة إلى الطبيعة، فالحصة من الطبيعة التي كانت موجودة في ضمن زيد عند حدوثه عين الحصة التي تكون موجودة في الزمان الثاني، وإما عبارة عما لا يكون كذلك، أي لا يكون بحده موجودا في الزمان الثاني بل يكون كذلك بذاته لا بحده، وذلك مثل مرتبة خاصة من الحمرة التي ثبتت في الان الأول في مرتبة ضعيفة وفي الان الثاني لما اشتدت وصارت إلى المرتبة الشديدة، فينقلب حدها لكنها محفوظة بذاتها في كلا الزمانين وكلتا المرتبتين، فالحمرة في المثال بذاتها موجودة في الان الثاني لكن لا بحدها بل تبدلت من حد بحد، كما في النور إذا زيد عليه نور آخر، فالنور الأول بذاته كان محفوظا، منتهي الامر إنه مندك في ضمن الأشد أي الضعيف مطوي في الشديد ومندك فيه، فهذا القسم أيضا من الموجودات القارة، وإنما الفرق بينه وبين الأول هو إن في الصورة الأولى يكون الموجود بذاته وبحده محفوظا، وفي الثانية بذاته فقط، وأما غيرهما مما إذا وجد منه شئ في آن لا يبقى في الان الثاني لا بذاته ولا بحده، بل إذا انقضى الزمان الأول تنعدم الحصة الأولى وتوجد حصة أخرى ثانيا في الزمان الثاني وهكذا، إلا إن الطبيعة متحققة بالحصص المترتبة بتبادل حصة بحصة، وما لم يكن في البين تخلل عدم وكانت الجهة الاتصالية محفوظة ينتزع العقل وجود شخص واحد للحركة المتقومة بحركات متعاقبة، وبعبارة أخرى لما كان انصرام هذه الحصة مقارنا لانوجاد حصة أخرى وهكذا، ولم يكن بين هذه الانوجادات تخلل عدم، فينتزع العقل تحقق شخص واحد، والمثال الحسي للبقاء وغيره هو الخط المحدث في الأرض الصلبة مثلا، فإن النقطة إذا تجاوزت عن حدها حدث خط، وإذا زيد عليه بأن مد إلى مقدار شبر أو ذراع يبقى منه ماجد أولا يندرج في الموجود في ثاني الزمان، فأجزائه المتصورة بالتقطيع العقلي مجتمعة الوجود في زمان واحد،
(٣٠٣)