واحد، بخلاف ما إذا كانت المصالح مختلفة بالسنخ، فتحصل في المقام مصالح عديدة وإرادات مستلقة ومتعددة وكل منها معلول لعلة غير الأخرى، فإذا قطع بحصول إرادة معلولة لاحدى المصالح وحصل مرادها وزالت الإرادة الأولى وانعدمت، ثم شك في حصول إرادة أخرى معلولة عن مصلحة أخرى غير المصلحة الأولى، فلا مجال حينئذ للاستصحاب لان الإرادة المقطوعة وجودها قد انعدمت، والإرادة الثانية مشكوكة ولم تكن مسبوقة باليقين، فما قطع بوجودها قد زال وما شك في وجودها لم تكن لها حالة سابقة، فتختلف القضيتان وتختل أركان الاستصحاب ولا يبقى حينئذ مجال، هذا إذا كانت في البين إرادات عديدة معلولات لمصالح مختلفة، وأما إذا كان سنخ المصالح واحدا وانبعثت الإرادة عن بعض هذه المصالح المتحدة بالسنخ، وعلم بحصول تلك المصلحة من العمل، لكن شك في وفائه بمصلحة أخرى مترتبة عليه مقارنة لحصول المصلحة الأولى، فحينئذ يشك في بقاء تلك الإرادة الشخصية وعدم سقوطها لاحتمال استنادها إلى ملاك لم يسقط عن التأثير، فيجوز استصحابها من دون محذور، مثلا إذا كان في شرب أدوية متعددة حصول صحة عن مرض خاص كالسل مثلا، وانبعثت إرادة واحدة كما في شرب هذه الأدوية، فشرب هذه الأدوية ثم شك في قيام مصلحة أخرى مجانسة للأولى بشربها ثانيا كحصول الصحة والبرء التام من ذلك المرض الخاص، فحينئذ يقطع بوجود إرادة مما في الشرب الأول، ثم يشك في بقائها من جهة ما في الشرب الثاني، فيستصحب شخص تلك الإرادة التي كانت معلولة عن المصلحة المعلومة، وهو عين ما يبقى بالمصلحة فوحدة القضيتين محرزة مطلقا، غاية الامر شخص الإرادة في هذا اليوم مستند إلى ما في هذا الشرب، وفي الغد مستند إلى ما في الشرب الاخر، نعم إذا كان التبادل في المسبب لا في ناحية السبب، فلا مجال للاستصحاب لاختلاف القضية المشكوكة مع المتيقنة، لان ما كان مقطوعا بوجوده قد زال، وما كان مشكوكا لم يكن له حالة سابقة، ونظير ذلك أيضا حرارة الماء المستند إلى النار وغيرها، فإذا انطفت النار الأولى وتحققت نار أخرى من دون تخلل عدم في البين، فلا تختلف الحرارة ويتعدد بتعدد النار وسببها، بل هي حرارة واحدة شخصية حاصلة بواسطة أفراد النار تدريجا وبنحو التبادل، غاية الامر أفراد النار تتبدل ولا توجب
(٢٩٤)