ويفني عند طرد الأكبر بذاته وبحده، ولذا لا يوجب وضوء عنده، فحينئذ يندرج كلي الحدث المشكوك بقاء بعد التوضي في القسم الثاني من استصحاب الكلي، فإنه مردد بين الزائل قطعا والباقي كذلك، وعليه فلا مجال لاستصحابه كما تقدم، فتحصل إنه لا يجوز استصحاب كلي الحدث بعد الوضوء على التقدير الأول والثالث، لأنه مما يتردد ثبوته بالفرد الزائل أو الباقي، ويكون من القسم الثاني من استصحاب الكلي، الذي قد أوضحنا وجه عدم جريان الأصل فيه في محله، فيجوز الاجتزاء بذلك الوضوء، وأما على التقدير الأوسط، فظهر إنه لا مانع من استصحابه الكلي، وقد تقدم وجه جواز الرجوع إلى الأصل فيه على خلاف بيننا وبين شيخ الاجل الأنصاري قدس قدس سره، ثم لا يخفى إن مقتضى الاستصحاب عدم الاجتزاء بالوضوء المجرد عن الغسل، مع إن الأصحاب لا يلتزمون بذلك في مورد الشك في الاحتلام في النوم، بل يفتون بجواز الاكتفاء بالوضوء فقط، فلا بد من الكشف عن وجهه، فنقول لعل نظرهم إلى إن موجبية الحدث الأصغر للوضوء موقوف على عدم اجتماعه مع الحدث الأكبر وانحصار الحدث فيه، وهذا يتركب من أمر وجودي وهو ثبوت الأصغر، وعدمي وهو عدم الأكبر، فإذا أحرز موضوعه بكلا جزئيه ولو بعضه بالأصل، فيجب الوضوء فقط دون الغسل، والمفروض في المقام إحراز الأصغر بالوجدان بواسطة النوم أو غيره سابقا على حصول الرطوبة المرددة، أو احتمال الاحتلام، ويجوز أن يحرز جزئه الاخر وهو عدم الاجتماع مع الأكبر بالأصل الجاري فيه عند الشك في حصوله، ومعه لا يبقى مجال لاستصحاب الحدث المعلوم، فهذا المثال نظير لمورد الحكم لاستحقاق الوارث المعلوم بتمام التركة حتى مع احتمال وارث آخر، فإن الوجه في ذلك انحصار الوارث في الواحد، وهو مركب من جزئين يحرز جزئه العدمي بالأصل، وقد يقال بجواز الاكتفاء بالوضوء فيمن توضأ بعد النوم وشك في الاحتلام فيه على تقديري جواز استصحاب الكلي وعدمه، تمسكا بما يستفاد من آية الوضوء، بتقريب إن قوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم إلى قوله تعالى وإن كنتم جنبا فاطهروا) يدل على وجوب الوضوء على من كان نائما ولم يكن جنبا، فقد أخذ في موضوع وجوب الوضوء قيد وجودي وهو النوم، وقيد عدمي
(٢٩٧)