الأول من إن الشك في المحل مرجعه إلى الشك في الهوية والشخص فهو مندرج في مورد استصحاب الكلي، نقول فعلا في مقام التعرض للمقرر إن جميع الأمثلة لا تندرج تحت الكبرى المدعاة، وهي إن الشك فيما ليس في الهوية بل في أمر خارج عنها، فإن من الأمثلة هو مثال الدرهم ولا ريب في إن الشك في بقاء درهم زيد ليس مستندا إلى الشك في المحل، أو خصوصية أخرى خارجة عن ذاته، بل الشك ليس إلا في هوية الدرهم المعلوم، فدرهم زيد بهويته مردد بين الباقي والزائل وليس مربوطا بأن الشك في المحل لا في الهوية، نعم لو كان درهم زيد في جيب الانسان مرددا بين ما في الطرف الأيمن والأيسر فقطع أحدهما أو احترق، فحينئذ يشك في بقاء الدرهم للشك في محله، فإن كان في جيب الطرف الأيمن فمقطوع البقاء لبقائه، وإن كان في الطرف الأيسر فقطعي الزوال لزواله، فحينئذ يكون الدرهم بهويته معلوما وإنما الشك في محله، وينطبق المثال على الكبرى المدعاة بخلاف الدرهم المختلط بأمثاله، فإن درهم زيد بهويته مردد حينئذ بين الدراهم الباقية والتالفة، فهذا المثال ليس مربوطا بالكبرى ولعله ناشئ من سهو قلم المقرر، وأما مثال النجاسة كما إذا علم بإصابة النجاسة للعباء وتردد محلها بين كونها في الطرف الأسفل أو الاعلى ثم طهر طرفه الأسفل، فشك في بقائها لأنها إن كانت في هذا الطرف الذي لم يغسل فقطعي البقاء، وإن كانت في ذاك الطرف فقطعي الزوال، فهو على ما يلوح من كلام المقرر من إن الترديد والشك ليس في الهوية بل في محل النجاسة، فليس على ما صدر، نعم اندراجه في الكبرى المدعاة مبني على جواز انتقال العرض عن معروضه وتصور تحققه وتقومه بنفسه بلا موضوع ومحل، وإلا فلا ينبغي الارتياب، في إن الشك في محل النجاسة التي هي من الاعراض في نظر العرف عين الشك في شخصيتها وهويتها إذ لا هوية ولا تشخص لها إلا بشخصية المحل والمعروض، فعد المثال من قبيل مالا يشك إلا من حيث المحل والمكان واقع في غير محله، وببيان آخر لما كانت نجاسة كل قطعة بالنسبة إلى تلك القطعة من قبيل العرض، وكان العرض المتقوم بتلك القطعة غير المتقوم بالقطعة الأخرى وبالمحل الاخر مثالا شخص الحمرة المتقوم بالطرف الأيمن غير الحمرة المتقومة بالطرف الأيسر، فكانت الحمرة والعرض بهويتهما مرددة بين الزائل والباقي، فالترديد في حقيقة
(٢٨٣)