الحمرة وهويتها، نعم لو كان العرض قابلا للانتقال من محل إلى محل آخر والمتقوم بنفسه لكانت النجاسة المرددة من قبيل ما كان بهويته وكان الشك راجعا إلى المحل، فلو كان ممكنا انتقال شخص العرض الخاص بحده وشخصه من محل إلى محل آخر ويتحقق بلا محل وموضوع لكان المثال في محله، لان الترديد في إضافة العرض إلى هذا المحل أو ذاك، فيكون الترديد حينئذ في الإضافة لا في هوية العرض، ويكون مصداقا للكبرى، ولذا تقرر في محله إن كل عرض قائم بمحله ومتقوم بموضوعه ولا ينتقل من محله إلى محل آخر، والمفروض إن النجاسة من الاعراض فلا هوية لها إلا بالمحل، فالشك فيه شك فيها حقيقة، فلو علم إجمالا بوجود نجاسة إما في هذا المحل حتى تكون باقية أو ذاك حتى تكون زائلة، فيتعلق الترديد والشك بنفس الهوية، ويكون من قبيل الكلي المردد بين فردين أحدهما قطعي البقاء والاخر مقطوع الارتفاع، نعم إذا علم بدخول إنسان في الدار وتردد بين كونه في طرف قد انهدم أو في الطرف الباقي، فحينئذ يشك في بقاء زيد، لكن للشك في مكانه لا في هويته، فهذا المثال مندرج في الكبرى المذكورة في التقرير، لكن بعد الغض عما أوردنا عليه سابقا، ولو أغمضنا عن ذلك وقلنا باندراج المثال الأول في الفرد المردد وسلمنا إنه ليس بهويته موردا للعلم والشك بل الشك في خصوصياته وعوارضه، فلا وجه لمنع استصحابه أيضا، فإن مقتضى ما تقدم في الفرد المردد عدم جواز استصحاب الكلي، وأما استصحاب شخص ما وقع الترديد في حاله فلا مانع عنه، وكذا الامر في مثل النجاسة، فإن النجاسة الشخصية قد علم ثبوتها للعباء قبل غسل طرف منه، وإنما الشك في بقائها بعد ذلك فجاز استصحاب الشخصي وإن لم يجز استصحاب الكلي لعدم اندراج المثالين في ضابط، فتحصل إن لنا مطلبان (أحدهما) إنه لا تنطبق الكبرى المدعاة على المثالين من الأمثلة المذكورة مع إنه لو سلم الانطباق وعدم استحالة انتقال العرض من محل إلى آخر، فنقول أي مانع عن استصحاب شخص النجاسة المرددة بين كونها في هذا الطرف حتى تكون مقطوعة البقاء أو ذاك الطرف حتى تكون مقطوعة الزوال، وعن استصحاب شخص زيد المردد كونه في الطرف الأيمن من الدار حتى يكون باقيا أو في الطرف الأيسر حتى يكون تالفا، (وأما الجواب) عن
(٢٨٤)