وبعبارة أخرى لو لاقى شئ مع أحد طرفي الشبهة المحصورة لا يحكم بنجاسة الملاقي، ولكن لو لاقى مع الطرفين معا يحكم بالنجاسة فبضم ملاقاة طرف المشكوك التي لم يتطهر إلى الطرف المعلوم الطهارة ببركة التطهير لزم الحكم بنجاسة الملاقي لاستصحاب نجاسة القطعة المتيقنة المرددة بين اليمنى واليسرى، مع تطهير اليمين أيضا، فيكون الملاقي مع الطرفين ملاقيا مع النجاسة المستصحبة، ويلزم المحذور في ذيل الشبهة وهو القول بنجاسة ملاقي مقطوع الطهارة ومشكوك النجاسة، ولا يتوهم إن الملاقاة مع الطرفين يلازم عادة مع ملاقاة تلك النقطة المعلومة فتكون الملازمة حينئذ ملازمة عادية، ولا يكون مجال لجريان الاستصحاب، لأنا نقول إن ملاقاة الطرفين عين ملاقاة تلك النقطة، هذا غاية تقريب الشبهة المعروفة بالشبهة العبائية، ومقتضاها أن لا يجوز الرجوع إلى استصحاب الكلي في المثال وأمثاله، مع إنه لا إشكال ظاهرا في استصحاب بقاء النجاسة، فإن صرف وجودها مانع عن الصلاة، والشاهد على ذلك حكم الأصحاب بعدم جواز لبس مثل ذلك الثوب في الصلاة بالنسبة إلى مانعية النجاسة عن الصلاة، لا قصور في استصحاب النجاسة لتمامية أركان الاستصحاب، فتستصحب نجاسة الثوب وتكون مانعة عن الصلاة فيه، ولا أظن أحدا يمنع عن استصحاب النجاسة في المقام لان صرف وجودها مانع عن الصلاة، وقد أجيب عن الشبهة ببركة مقدمة هي بمنزلة التنبيه في استصحاب الكلي، حيث قيل إن استصحاب الكلي يجري في مورد كان الكلي بهويته وحقيقته مرددا بين الباقي والزائل، كما إذا كان الانسان بهويته وحقيقته مرددا بين زيدا وعمرو، أو الحيوان كان بهويته مرددا بين الفيل والبق، وأما إذا كان الكلي بهويته معلوما ولم يكن مشكوكا من هذه الجهة بل يكون مشكوكا من جهة أخرى مثل كونه مشكوكا من جهة المكان، كما إذا شك في إن زيد هل كان في طرف الشرق من الدار الغير المنهدم حتى يكون باقيا يقينا ذلك الطرف، أو في طرف الغرب الذي كان منهدما حتى يكون فانيا لزوال ذلك الطرف، فالكلي الموجود في ضمن زيد بتمام خصوصياته كان معلوما ولم يكن مشكوكا، وإنما الشك في أينيته لا في عينيته، فإذا كان زيد في الطرف الشرقي كان الكلي باقيا يقينا، وإذا كان في الطرف الغربي كان فانيا يقينا، فلا وجه
(٢٨١)